تاريخ النشر: 04/03/2008
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"لقد تجاوزت أعتاب الشيخوخة يا سيد مهران، وركلتك الأيام بعيداً، لم يعد قلبك المجبول من صخر الصوان غير عضلة تالفة، وجسدك المفتول سوى كومة قش، وقد يكون ما تراه شيئاً من هلوسات بصرية.. دعني أفسر الأمر على النحو التالي: إذا كان الحلم الذي تدّعيه قد أعاد البيوت المطبوخة بالطين، ...والأكواخ المسقوفة بجذوع النخيل والبواري، والأزقة الترابية المتعرجة، إلى سابق عهدها، أما كان من الأجدر أن يعيد إليك شبابك؟ لقد كنت في ذلك الوقت شاباً متوهجاً ومفعماً بالحياة، إذا كان ثمة التباس دعني أوضح الأمر على نحو آخر، إن ذاكرتك قبل سنوات أفرغت محتوياتها فانزلقت منك الذكريات واختبأت، ولم يبقَ فيها سوى جذاذات باهتة لا تعرف من أين جاءت، ولماذا هي ملتصقة برأسك دون أن تفصح عن نفسها، إنها مجرد نقاط معتمة من زمن مضى، أما بقية المساحات فهي صفحات بيض كيوم ولدتك أمك، امّحى الكثير مما كنت تعرفه، وهي وإن عادت بقليل من الرؤى فقد عادت منقوصة، وها أنا جئت لأردّ بضاعتك إليك قبل أن تضيع في لجة النسيان، سأحكي لك ما حدث كما حدث، لعلك في واحدة من الحكايات تستعيد ما ضاع منك وتدرك حجم خطاياك".
تتقاذفه الذكريات ويصبح كريشة في مهب ريح. لقد ضجّت حياته بالأحداث التي كانت متداخلة مع زوابع الحروب والسياسة التي مرّت ببلده العراق. ينغمس مهران الشخصية المحورية في ملذات الحياة، دون أن يكون لديه رادع عن المحرمات والآثام. كان نائماً فأيقظه، وهو على أعتاب شيخوخة، ذاك الصوت القادم من غياهب الضمير. يمضي الكاتب في وصفياته التي يغوص من خلالها إلى أعماق نفس مهران نابشاً المخبأ في الأعماق وكاشفاً عن ضعف النفس الإنسانية وعن هناتها وسقطاتها. تتداخل خطوط حكاية مهران مع حكاية البلد وما مرّ عليه من ثورات وحروب وما استجد على أبنائه من حركات سياسية، شيوعية، بعثية، وطنية... ليكون لذلك انعكاساته على الوطن والمواطن.نبذة الناشر:رواية "مطر الله" جديرة بأن تنقل القارىء إلى عالم رهيب.. وأشد ما فيه من أسباب الرهبة أنه ابن واقع نعرفه أحيانا باسم المأساة العراقية. المحتوى من الناحية "السياسية" هو رحلة بين عراق الامس البعيد نسبيا.. والقريب المفجوع بحصاد الموت المستمر فيه. وهو من ناحية اخرى -مضمونا وشكلا- ينقلنا الى مشكلات كبرى عند الانسان.. من قايين (قابيل) وهابيل إلى علم النفس وإلى العوامل الدينية والثقافية وإلى "موت" كموت أهل الكهف وإلى ما يشبه عودة بطل المويلحي إلى الحياة ليرصد عالما بدا له غريبا عجيبا.
وخلال كل ذلك تطرح هدية حسين بعمق وتوهج فني وبأسلوبها الخاص المميز اسئلة و"اجوبة" وترسم عالما كابوسيا يضغط على النفس بجبال من الاهوال والاحزان والقتل الذي كان يمكن -على الاقل- فهمه وفهم اسبابه في غابر الايام وعهودها السياسية المختلفة وان لم يكن من الممكن قبول الاسباب او تبرير الاعمال.
الرواية التي جاءت في 115 صفحة متوسطة القطع صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
ترسم هدية حسين في روايتها هذه دواخل النفس البشرية والعالم الخارجي حولها بتوتر وشعرية. والشعري عندها لا يستقل عن السردي ولا يرهقه انما هو سمة من سمات كتابتها هنا التي نجد في توترها اغوارا وحسرات حادة جارحة وادانات وفواجع بدت كأنها قدرية لكنها ليست من عالم الرحمن الرحيم بل هي قدرية مجنونة من صنع بشري يعجز العقل المعاصر عن تصور قيام بشر هذه الازمان بها.
جورج جحا إقرأ المزيد