الحداثة في الشعر السعودي، قصيدة سعد الحميدين نموذجاً
(0)    
المرتبة: 62,870
تاريخ النشر: 01/05/2002
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:لقد كان ظهور الشعراء الشباب في الخليج منطقة العربي من مثل محمد العلي وسعد الحميدين وأحمد الصالح وعلي الدميني بمثابة الضربة المدوية على الرؤوس، إذ لم يعد الشعر الحديث حدثاً عراقياً ومصرياً وشامياً، ولكنه جاء إلى عقر الدار ومن أبناء الدار. جاءت النذر الشعرية بقصائد ذات نسق خاص ومختلف، ...وكان سعد الحميدين من أهم الأهداف لأنه لم يك شاعراً فحسب، بل أنه أيضاً، مشرف ثقافي ومسؤول عن صفحات ثقافية مما يعني أنه سيتولى نشر هذا النتاج المارق وتسهيل وصوله إلى الناس، وهذا ضاعف من مسؤولية الحميدين عما يحدث من تغيّر ثقافي يخيف المحافظين ويزعج طمأنينتهم. ومن هنا صار سعد الحميدين نقطة استقطاب بمعناها الإيجابي كمحرك للحدث ومشارك في صياغته، وبمعناها السلبي بوصفه مسؤولاً في عيون المحافظين عن حادثة التغيير والمروق الثقافي.
كان الحدث قوياً وصادماً حتى لقد صارت عبارة (الشعر الحر) مسبّة وتهمة ومصدر تخويف وتشكيك، ثم تلتها كلمة (الحداثة) لتزيد النار اشتعالاً ووقوداً. وجاء جيل آخر لاحقاً بهذه الطليعة المبدعة وجاء جيل ثالث ورابع، وكثرت الأسماء والأشعار وزادت الردود وتوترت الأجواء، ومعها تساقطت بعض الأسماء وهوت بعض النجوم. غير أن الجيل الأول بقي صامداً وظلت أسماء العلي والحميدين والصالح والدميني تشع بالشعر وبالإبداع. وتتوالى تجربة سعد الحميدين الشعرية على أربعة عقود من ديوان إلى ديوان، ومن اختراق إلى اختراق، ويظل الهاجس الإبداعي عنده يلاحق ذاته ويتحدى منجزه، وظل يغذي تجربته بمزيد من العطاء والاقتحام، في قلق إبداعي لا يكلّ ولا يركن.
ومن هنا يصح للدكتور عبد الله أبو هيف أن يتخذ من تجربة سعد الحميدين نموذجاً على الشعر الحداثي في الخليج، فالحميدين يلخص حادثة التغيّر الإبداعي الحداثي ويترجم صورة الحدث ويكشف عن واقعة التحوّل الذهني وفي تصور إمكانية اللغة العربية وقدرتها على التجدد والتحديث، مع جعل ذلك أساساً للبقاء وللصمود وللتحدي، وليس مصدر خطر ودمار، كما يتوهم المحافظون، الذين ظلوا يعتقدون أن أي تغيير أو تحديث هو تدمير وتآمر. إذن المسألة ليست مجرد ثورة فنية جمالية، بل هي تحول ثقافي نوعي يمس التركيبة النفسية والتاريخية لأمة العرب في جزيرتهم ومستودع عروبتهم، وهذا ما وقف عليه عبد الله أبو هيف في استقرائه لتجربة الحميدين الشعرية بوصفها تجربة في الحداثة في وسط الجو المحافظ والمفاخر في محافظته. لقد بذل أو هيف جهداً علمياً ومكثفاً لقراءة شعر الحميدين وكشف إبداعيته وقيمته الفنية وتعدادته الجمالية، وهو جهد اقتضته التجربة بتعددها وعمقها، كما اقتضته أمانة البحث وجدية الباحث وخبرته الطويلة في النقد والإبداع. فجاء كتابه ثرياً وعميقاً يحمل فائدة جليلة في الدرس الأدبي في مزجه بين النظرية والتطبيق. إقرأ المزيد