تاريخ النشر: 01/04/2004
الناشر: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
نبذة نيل وفرات:في أخلاقيات غابْ السياسة في لبنان، لا مكان للوفاء أو العرفان، ففي منطق الوصولية السياسية لا صداقات ولا تحالفات ثابتة، والقاعدة هي رفقة طريق إلى مأرب معين، وكثيراً ما يكون المأرب آنياً. ليس من لعبة في الدنيا إلا ولها قواعد تسمى قواعد اللعبة، اللهم إلاّ اللعبة السياسية في لبنان، ...فهي بلا قواعد. كثيراً ما يكون الخبر في لبنان وجهة نظر، وتكون الحقيقة كما تبدو لرائيها. يبقى سلاح الموقف أمضى سلاح في يد الشرعية المستمدّة من إرادة الشعب. إذا غيّبت إرادة الشعب أضحت السلطة عزلاء بلا سلاح. والخارج على موقف الشرعية هو فاقد الشرعية وبالتالي في حكم المهزوم. من تجليات صخور الممارسة الديموقراطية في لبنان غياب المحاسبة على كل صعيد: فالناخب لا يحاسب النائب، فهو يندد به طيلة عهده في النيابة، وعندما يحل موعد الانتخاب يعود فيقترع له، والنائب لا يحاسب الحكومة فهو يهاجمها بأقذع العبارات، وعند التصويت على الثقة فيها يرفع إصبعه، والحكومة لا تحاسب الإدارة، فكأنما لا علم لها يما يتعشش فيها من فساد وتسيّب وعقم، أما الفضاء فكثيراً ما تكون عدالته انتقائية. الحرية والديموقراطية وسائر حقوق الإنسان كلها ملك للشعب لا يجوز لحاكم أن يصادرها. وإن فعل فهو المشكلة وهو القضية. فلا غرو في القول أن حكام العرب باتوا في منزلة المشكلة والقضية في آن واحد. في لبنان الكثير الكثير من الحرية، وإنما القليل القليل من الديموقراطية، بيننا وبين الممارسة الديموقراطية الصحيحة مسافة العصبيات الفئوية، ومسافة ثقافة الفساد المتفاقم، ومسافة انشغال الناس بشجونهم عن قضاياهم.
تلك بعض من استشفافات الدكتور سليم الحص في المناخ السياسي اللبناني، هناك المؤيد، وهناك المعارض (انطلاقاً من حرية الرأي وحرية الكلمة)، إلا أنه ومهما يكن من أمر فإن هذا المحنك السياسي لم ولن يقل إلا ما عاشه وما رآه وما عاناه. إنها خبراته السياسية يضعها في كتابه هذا إذ يقول: "في الحقبة الأخيرة من عمري أراني مدفوعاً دفعاً إلى البوح بما في خزان تجارب العمر من دروس وعبر، أتلمس فيها أثراً لموطئ قدم على درب العمل الوطني والقومي في ظروف حفلت بالتحيات الجسيمة على الصعد الوطنية والقومية كافة. عند بلوغي الخامسة والسبعين من العمر، سئلت عن عمري فقلت. ما زلت في عمر الشباب منذ ستين سنة، فالشباب يقاس بالإنتاج. هذه رسالتي، من عصارة العمر، إلى حفيدي سليم وجيله. من عناوينها: أنا لبناني مؤمن بلبنان وطناً أعتز به، ولدت فيه وأصبو إلى أن أوارى الثرى في أرضه. لو كان للمرء أن يختار وطنه لاخترت لبنان وطناً لي ولابنتي وحفيدي بملء إرادتي، ولكني لم أختره، بل ولدت فيه، وأحمد الله على قدري". فهذه صفحات من حياته بكل ما فيها من أحداث على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد السياسي، وهي رهن نظر القارئ ورهن عقله، ليعرف الدكتور سليم الحص عن كثب ويقول كلمته فيه. إقرأ المزيد