العراق هوامش من التاريخ والمقاومة
(4)    
المرتبة: 7,999
تاريخ النشر: 07/08/2003
الناشر: المركز الثقافي العربي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:إن العراق من البلاد النفطية القليلة التي خاضت معارك كبيرة وهامة مع المستعمر، منذ بداية وصوله ومحاولته السيطرة. فثورة العشرين مثلاً التي انفجرت مع بداية الحكم البريطاني للعراق أكدت، ومنذ البداية، أن هذا البلد لا يمكن أن يحكم حكماً استعمارياً مباشراً، الأمر الذي اضطر الإدارة الاستعمارية إلى البحث عن ...واجهة وطنية تحكم من ورائها أو من خلالها، ولأن هذه الصيغة المموهة لا بد أن تنكشف بمرور الوقت، فقد عانت الحكومات المتتالية التي جيء بها من التمردات والثورات التي لم تهدأ، الأمر الذي اقتضى تعديل صيغة التعاهد أو الارتباط بين الطرفين المرة بعد الأخرى، وأدى أيضاً إلى أن تصبح الحكومات "الوطنية" ضعيفة وتطلب باستمرار حماية الدولة المستعمرة. لقد كان وضع العراق منذ اللحظة التي خضع فيها للاستعمار المباشر ثم الانتداب، حتى حكمت علاقاته مع بريطانيا المعاهدات والاتفاقات، كان وضعه طوال تلك الفترة قلقاً مضطرباً، إلى حين انتهاء العلاقة البريطانية-العراقية بقيام ثورة تموز 1958 وسقوط حلف بغداد. كما أن الاستعمار الذي اعتبر أن الحكم "الوطني" يحميه من المجابهة المباشرة مع الجماهير ما لبث أن اكتشف أن ذلك الحكم مليء بالعيوب والثغرات. حتى الحكام الذين جاء بهم الاستعمار لم يلبث قسم منهم أن انقلبوا عليه، أو لم يستطيعوا أن يسايروه إلى النهاية، وهذا يفسر قصر حياة الحكومات وتعديل المعاهدات، ويفسر أيضاً التمردات والثورات التي حصلت في أكثر من فترة.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، ومع صورة العراق اليوم يجد المراقب والسياسي والمؤرخ وكأن التاريخ يعيد نفسه، فها هو العراق يستباح اليوم كما استبيح بالأمس، وذلك بشعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان، فيما استخدم ويستخدم كل يوم أقسى أنواع العنف، والعين على نفطه وموقعه والقيمة الاستراتيجية لذلك، وها هو العراق تعين له، من قبل مدّعي الديموقراطية وبالتحديد من قبل الاستعمار المعاصر المتمثل بالجانب الأميركي، تعيّن له حكومة، وبالمنظور القريب حكومات الأمر الواقع. فماذا بالإمكان العمل لتفادي ما حصل في الماضي، للوصول إلى حال أفضل مما كان، ومما هو عليه الآن!
من أجل ذلك يقترح عبد الرحمن منيف التوقف ملياً عند الحوادث التي سجلها تاريخ العراق بصورة خاصة، والتاريخ بصورة عامة لأن معنى التاريخ بمفهومه هو حي ومؤثر وذلك لأنه يقدم كل يوم دروساً سخية؛ شريطة أن تستوعب هذه الدروس وتصبح جزءاً من ذاكرة الإنسان، على أنّ وجود التاريخ معنا أو إلى جانبنا يجب ألا يكون أداة لاستعبادنا أو أن يلقي بظلاله الثقيلة علينا، لأن أحداث اليوم وظروف الأجيال الجديدة تختلف عن تلك التي مرت وشكلت ذات يوم وقائع تاريخية، وبالتالي لا بد لنا من ابتداع وسائل مبتكرة لمواجهة التحريات والتعامل مع الوقائع الجديدة التي تواجهنا، مستفيدين من الذاكرة ومجتهدين من القياس على الأحداث المشابهة.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، واستناداً لما توفر للكاتب من الهوامش أثناء تقليبه في صفحات تاريخ العراق وقراءاته فيه أثناء تحضيره لروايته "أرض السواد"، ولئلا تنزلق هذه الهوامش إلى الظلمة وتغيب، ولدت فكرة كتابه هذا "العراق هوامش من التاريخ والمقاومة" والذي استوعب تلك الهوامش التاريخية العراقية الهامة في محاولة للاستفادة منها وذلك بجعلها محرضاً للآخرين، على أن تكون هذه الهامش جزءاً من اهتماماتهم، لأنه بالإضافة إلى متعتها، فهي ذات أهمية كبيرة إذا استحضرت من جديد بقراءة نقدية، ووضعت في سياقٍ يناسبها ويناسب المرحلة التاريخية التي نعيشها. فدرس العراق بمقدار ما يعني العراق بالدرجة الأولى والأساسية، فإنه يعني المنطقة كلها، لأن لأميركا مخططاً تريد تطبيقه لإحكام سيطرتها على المنطقة أولاً، ثم مدّ هذه السيطرة إلى مناطق أخرى من العالم... إلا إذا بدأت المقاومة، كما حصل في فترات سابقة، واستطاعت أن تقف في وجهه هذا المدّ البربري الذي يريد أن يغيّر العالم كله حسب مشيئته.نبذة المؤلف:أثناء تحضيري لرواية "أرض السواد" تكوّنت لدي، من خلال قراءاتي في كتب التاريخ والمذكرات حول تاريخ العراق، مجموعة من الهوامش، كنت أراها مهمة في تكوين ذاكرة تاريخية، ولكي لا يكون التاريخ مجرد سجل بارد للموتى، وإنما حياة موّارة تعج بالأمثولات الحياة والمعارف والمقارنات.
ومع كل يوم من الأيام الصعبة التي مرّت على العراق، كانت هذه "الهوامش" تحضر في ذاكرتي، متأملاً هذا البلد العربي، الشديد الأهمية بموقعه وثرواته، وهو يتعرض ربما لأقسى محنة في تاريخه، قد تخلط الأوراق، تمهيداً لكتابة تاريخ من نمط جديد، هو تاريخ المنتصر، وبالتالي تغييب وقائع واستحضار غيرها أو بدل عنها.
لا بد من الوقوف في وجه الدخيل المزوّر في هذه الموجة الجدية، وردّ الاعتبار للقيم والمفاهيم التي قامت عليها المراحل السابقة. فالوطنية مثلاً، ليست قيمة بالية يجب الاستغناء عنها، والحرص على الوطن والتضحية من أجله، ليس موقفاً شوفينياً يجب إنكاره، بل هو جزء من الدفاع عن النفس وحفظ الأمانة للأجيال القادمة.
هذا الكتاب، ليس دراسة تاريخية، لأن الدراسة التاريخية تتطلب طريقة في البحث تدخل في التفاصيل وتثبت الوقائع، إنه عبارة عن رؤوس أقلام تستحضر محطات من التاريخ والمقاومة. إقرأ المزيد