تاريخ النشر: 01/11/2001
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لقد أقلق المطلق على الدوام كل من العقل والضمير وأجبرهما على الاحتكام إلى اليقين ووضعهما في الوقت نفسه أمام سدود الإيمان وهاوية الشكوك، أي أمام كل ما يتخذ هيئة الهزيمة والانتصار. أما التصوف، فإنه لم يصب مع كل "هزيمة" بعطب الأسى ولم يتذوق مع كل انتصار "طعم الغرور". فقد ...كانت هذه "النتائج" بالنسبة له مجرد إغراء النفس الباحثة عن معنى خارج وجودها الحق. لقد مثل المتصوفة في ثقافة الإسلام معالم المطلق، وذلك لاقتفائهم مآثر الوجود وحقائقه الكبرى. إنهم مثلوا تلقائية الوجود وتمثلوا في الوقت نفسه معنى صيرورته الدائمة. مما جعلهم "أسرى" الساعي الشاقة للبحث عن الوحدة ووعي الذات.
ومن ثم ألزموا أنفسهم ببذل الروح الأخلاقي وإسلامهم المطلق. وليس مصادفة أن يطالبوا المريد في إحدى نصائحهم إياه قائلين "إذا استطعت بذل الروح فتعال، وإلا فلا تشتغل بترهات الصوفية"!! ولا يعني بذل الروح سوى الاستجابة الدائمة لإدراك وإعادة إدراك معالم المطلق. وبالتالي ليست حكمة التصوف سوى تمثله معالم المطلق الإسلامي باعتبارها معالمه، وتمثيله إياها باعتبارها معالم الإسلام. لقد جسد التصوف معنى الحكمة القائلة بأن الإبداع الحق يفترض بذل الروح في سبيل المطلق. والمطلق هو الكل الثقافي الخاص، المبتدع في إشكاليات الحاضر وبدائل المستقبل. وليس مصادفة أن يكون اشتقاق العربية للإبداع والبدعة والتبديع من جذر واحد. فهو اشتقاق يكشف عما في الوجود التاريخي للثقافة من مفارقة محيرة للعقل ومثيرة للوجدان.
وهي مفارقة تبرهن على أن التمثل العميق لحقائق الثقافة مشروط بإدراك كيفية جمعها بين الضدين. فالجمع بين الضدين هو قدر المطلق. والتصوف أحد تجلياته الروحية الكبرى. فإبداعه مقيد بمعايير المطلق الإسلامي. من هنا قيمة انتمائه التام للثقافة الإسلامية وإبداعه فيها.
لقد كشف التصوف عن أن عظمة الإبداع على قدر انتمائه لمرجعيات الثقافة، وعن أن الإبداع هو الذي يصهر المرجعيات في معاناة إخلاصه للحق والحقيقة. بمعنى صهرها المتجدد في وعي الذات وتوظيف نتائجه في تعمير وعمران الكل العقلاني، الأخلاقي، الروحي للأمم. من هذا التصور يمضي الباحث في دراسته حول حكمة الروح الصوفي. وهي دراسة تبحث في بذل الروح وفي فلسفة الإبداع لدى المتصوف. وهي بقدر ما تغني القارئ والدارس والباحث في المذهب الصوفي ورموزه، بقدر ما تطرح من أفكار للمضي بعيداً ليس في فهم حقيقة التصوف بل في استشفاف روحه.نبذة الناشر:لقد جسد التصوف معنى الحكمة القائلة بأن الإبداع الحق يفترض بذل الروح في سبيل المطلق. والمطلق هو الكل الثقافي الخاص المبتدع في إشكاليات الحاضر وبدائل المستقبل. وليس مصادفة أن يكون اشتقاق العربية للإبداع والبديع والبدعة والتبديع من جذر واحد. فهو اشتقاق يكشف عما في الوجود التاريخي للثقافة من مفارقة محيرة للعقل ومثيرة للوجدان. هي مفارقة تبرهن على أن التمثّل العميق لحقائق الثقافة مشروط بإدراك كيفية جمعها بين الضدين. فالجمع بين الضدين هو قدر المطلق. والتصوف أحد تجلياته الروحية الكبرى. فإبداعه مقيد بمعايير المطلق الإسلامي. من هنا قيمة انتمائه التام للثقافة الإسلامية وإبداعه فيها.
لقد كشف التصوف عن أن عظمة الإبداع على قدر انتمائه لمرجعيات الثقافة وعن أن الإبداع العظيم هو الذي يصهر المرجعيات في معاناة إخلاصه للحق والحقيقة. بمعنى صهرها المتجدد في وعي الذات وتوظيف نتائجه في تعمير وعمران الكلّ العقلاني-الأخلاقي-الروحي للأمم. إقرأ المزيد