تاريخ النشر: 01/12/2000
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:بالنسبة لي، ليس هذا هو المهم، ذلك أن عقلي قد يفارقني في أية لحظة قد يفارقني في أية لحظة، كيف أرسم على سطح الماء شوارع تحترق وعمارات تجلس القرمضاء، جسدي مشلول وأصابعي لا تتحرك، شلال من النيازك وأمواج من الرعد والبرق، أغفو بين والمستحيل، ماذا حلّ بأولادي، الموت يهبط ...فوق الأرض، صار أقرب من حبل الوريد، فماذا عن حراشف الحكاية، وماذا عن جسر الجمهورية الذي ذبحوه، ماذا عن ثلاثة أولاد يلتصقون بجلدي؟ أضاف على نبض في الرأس أسمعه كما المطرقة... أية مجمدة كانت؟! أتذكر أن أبي قال لي مرة: إن المكان الذي غيا فيه نصف أعمارنا يتكلم... وقد شعرت بذلك فعلاً، نطق البيت الذي أنا فيه وقال: تلك هي الليلة الثانية بعد الألف، أعجب ما فيها أنها دون شهريار، ولا من أثر فيها لناطق أو قصخون، فقد فرّ الوليد من رحم الوالد، وكف الصهيل عن الحصان (هم يقولون: كف الحصان عن الصهيل) وليس هذا المهم.
هذا نهر، وهناك بحر، بينما تبكي جارتي على ولد كان ابنها ذات يوم، جاءها مشطور اليدين، في تابوت يحمله أربعة من الموتى (المؤجلين)... من يطرق الباب في ساعة كهذه؟ الكلمات تسقط في أسفل الوقت، وأنا على ضوء شمعة أراقب "أوسكار وايلد" و"غونتر غراس" كما أراقب عقلي الذي (طار) خلفهما..." حين ترفض عليك السلطة ما ستقرأ وما ستكتب، ينبغي عليك، فوراً، أن تهرب صوب أول ضوء مهما طال عليك الطريق... إذ لا حياة للمبدع غير الكلمات التي تشع من صميم الروح، وهي نفسها الكلمات التي، ربما، تمكن عبد الستار ناصر من جمعها في هذا الكتاب. الذي كتب فيه ما يحلم به وما يطمح أن يراه بين القرّاء، حتى أن قصصه هذه إنما تحكي معاناة إنسان محكوم منذ ثلاثين سنة بالصمت، والخضرع، والإذعان، إذ به يكتب الفواجع والمسرات والعجائب والأسرار التي كان الكاتب وما يزال يغرف من نبعها الأبدي.نبذة الناشر:كانت الطرق جميعها تؤدّي إلى السعادة، وأنا مضيت، كما في حلمي، نحو "روما" أصحو على رحيق "بياتسا دي نافونا"، وأحتسي النبيذ في مطعم "هيجو"، وأصرخ كما في المجلاّت والقصائد، كما في السينما والمغازلات: أنّ الطرق كلّها تؤدّي إليكِ يا روما.. أصرخ عند سلالم "بياتسا دي إسبانيا" بصوت عربيّ يشبه الصهيل:
-كلّ الطرق تؤدّي إلى روما..
سعيد بنفسي وأنا أسمع الصدى يقول ما أقول:
-ولما رجعت إلى الحرب أيّها الحمار الجميل؟ إقرأ المزيد