مي زيادة ؛ نشوء وإرتقاء المثقفة الحرة
(0)    
المرتبة: 55,489
تاريخ النشر: 01/12/2012
الناشر: دار كتب للنشر
نبذة نيل وفرات:يقول انطون سعادة عن مي زيادة: "لم تنجب سورية في القرون الأخيرة من النساء أديبة كبيرة كما مي زيادة، وأقول بكل تأكيد إني لم أجد فيمن قرأت ولا فيمن حادثت من أدباء سورية ومصر سوى نفر قليل جداً من الأدباء الرجال الذين يضاهونها ثقافة وشعوراً وفناً، كانت مي بركة ...من بركات العناية...".
لقد حظيت المجموعة الملهمة مي زيادة بإهتمام أدباء سورية ومصر، إلا أن كثيراً من هذا الإهتمام تركز على النواحي الشخصية من مسيرتها الثقافية، وكان عرضه لما وصفه الدكتور جوزيف زيدان بالمنحى الذكوري، فلا يزال الناظر يجد كتباً عن مي بعناوين من مثل جنون إمرأة، أو فصول في كتب من مثل "مي... زيادة عن اللزوم"، وما شابه ذلك من التوجهات، بإستثناء منارات معروفة من مثل جهد الأديبة سلمى الحفار الكزبري التي تتبعت تفاصيل حياة مي ونتاجها بالإضافة إلى عمل بعض الأديبات في إنتصارهن لمي.
ويمكن القول بأن مأساة مي الكبرى في حياتها - مأساة إدخالها عنوة إلى مستشفى العصفورية للأمراض العقلية والعصبية - صنعت مقاربة الأكثرين لها ولأديبها وفكرها، وبلغ الأمر في تصوير مي كضحية أن سيرة مي الأفصل حتى اليوم التي كتبها الأديبة سلمى الكزبري تحت عنوان فرعي "مأساة النبوغ"، إلا ألمه لا يمكن الركون إلى ذلك ورؤية نبوغ مي على أنه ما كان مأسوياً في جلّ حياتها.
صحيح أن هناك محطات مأساوية في مسيرة تلك الحياة مثل خسارة أخيها الطفل ووفاة والديها، وهو أمر يمر على الكثيرين، كما يضيف آخرين وفاة جبران وإلى ما هنالك من مؤلفات أسبغت على حياة مي زيادة اللون المأساوي، إلا أن المؤلف يرى أن صبغ جميع أطوار حياة مي بلون مأساوي لا يفيد فهم فكر مي زيادة وحياتها قبل الفاجعة الأخيرة.
إن الإنتصار لمي لا يكون بالنظر المأساوي إلى حياتها وفكرها، بل بالإنتصار للقضايا التي عالجتها والإحتفال بإبداعاتها الفكرية والأدبية، فحياة مي، وكما يقول المؤلف ليست "مأساة النبوغ" كما رستها الأدبية سلمى الكزبري، بل هي في روعة التحدي، وإبداع الحداثة، وديمومة الفكر النير والأدب السامي النيل، وأشواق وأفراح وأتراح وضحك وبكاء وإبتسامة النفس الراقية المتحررة والمحررة، الإنتصار لمي يكون بإخضاع أعمالها للبحث الفكري الهادئ الرصين.
من هنا يأتي هذا البحث الذي كان بمثابة رحلة فكرية مع مي، الغرض منها التعريف بآفاق مي الفكرية، حيث عمل المؤلف أولاً على تلمس بدايات مي العربية مبيناً تلازم هذه البدايات مع الجو الثقافي السوري في مصر والوطن؛ ولينتقل من ثم لتتناول إهتمامات مي السياسية وأبعادها، وليعالج بعد ذلك موضوع علاقة مي بمصر وإختيارها الإنتساب إلى الهوية المصرية، ولينتقل بعدها إلى الحديث عن لقاءات مي مع الثقافة الغربية عبر ترجماتها لروايات ثلاث من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية تباعاً، وليستعرض من ثم نماذج من كتابات مي عن أعيان الغرب الثقافي وخياراتها ومواقفها وليقوده ذلك إلى النظر في روعة معالجة مي للموسيقى الغربية عبر أعلامها.
وبعد إطلالة المؤلف وإستعراضه لتلك الجوانب الثقافية المطلة على العالم الإنساني المتسع، يعود من جديد إلى خصوصيات فكرية وشخصية سورية متطرقاً إلى العلاقة الفنية بين مي ويعقوب حروف، وإلى صداقاتها مع الدكتور شميّل وأمين الريحاني، وليفضي ذلك إلى الحديث عن صداقة مي وجبران، وليعالج ناحية مركزية في هذه العلاقة، وذلك بصورة موضوعية بعيداً عن الإنطباعات المستعجلة والنزعات العاطفية السهلة، ليتناول أخيراً دور في الأصيل في تأسيس رؤية مفهومية جديدة للمرأة الحديثة في المشرق.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف، وأثناء تتبعه لأعمال مي وقع على كتابات لها غابت عن المجموعات المعروفة والمتوفرة، قام بإدراجها في ملاحق وفق أصولها. إقرأ المزيد