تاريخ النشر: 01/03/2005
الناشر: مؤسسة البلاغ
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:حين ننظر في المرآة، فإننا نبحث عن الحياة في الصورة وليس عن الصورة نفسها وكذلك في الآداب والفنون نحن نبحث عن الحياة من وراء الكلمات، فالشعر حياة إذن والحياة محبة والشعر والحب لا ينفصلان. والشعر مرايا الروح لأنه يعمق المعرفة ويجعل الروح أكثر شفافية، والمعرفة دوماً في تطور، في ...حالة تحد واستجابة، ولا حدود للمعرفة... وكذلك لا حدود لآفاق الشعر... ومن هنا صعوبة تحديد مفهوم الشعر وفعلاً فإن سؤال ما هو الشعر قد حيّر النقاد بل والشعراء أنفسهم. وقد يفاجئ بعضهم بجواب أن هذا ليس بسؤال، وبالتالي فلا حاجة لأية إجابة وأن سبب صعوبة التحديد هو أن كل العلوم تستخدم المقولات والمفهومات لتأسيس المعرفة. أما الشعر فإنه يستخدم الصور، كما أن العلوم تخضع لعلل المنطق، أما الشعر فإنه ينسف المنطق العقلي ويرسم منطقاً آخر يهزأ بقوانين المنطق المعروفة (مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض) ومبدأ الثالث المرفوع) إنه منطق لا عقلي يفضي إلى أن الصورة تندّ تماماً عن أي برهان فالصورة الشعرية هي تفاعل لغوي مكثف للتجربة الشعرية.. فالشعر تفكير بالصور حسب أوغست ولهم شليجل، كما أن الصورة تندّ أيضاً عن أي تعريف وتنفتح على دلالات كثيرة، تفتح اللغة على إمكانات دلالية وحفر مساحات من الدهشة والحيرة في الفكر الإنساني، إذ تنقل اللغة من المعنى إلى معنى المعنى، كما أنها تفكك العالم وتعيد بناءه من جديد.
أما البناء الشعري، فقد حاز أيضاً على أهمية كبيرة في الخطاب النقدي عربياً وأجنبياً، قديماً وحديثاً. ويعود هذا الاهتمام بالبناء الشعري إلى ذلك النزوع التجديدي للعقل البشري في تأطير الظاهرة وفصلها عن اللانهائي حتى يتسنى دراسة هذا البناء من حيث مستوياته وقوانينه. أما العنصر الموسيقي في البناء الشعري فلا شك أن له أهمية خاصة في النسج الشعري للقصيدة، وهذا العنصر يتبادل الأدوار والأهمية مع الصورة والبناء، وهذه العناصر الثلاث هي التي أعطت للخطاب الشعري وظيفة تمايزية عن غيره من الأنواع التي تنجز باللغة وفي فضاء اللغة وكانت نوافذ له إلى الوجدان. ومنذ القدم ولا زال الإنسان يسعى جاهداً لفهم الشعر فهماً واقعياً بعيداً عن الماورائيات وحصره ضمن دائرة الزمان والمكان. ولا ينكر أحد أن الفنون تتفاعل فيما بينها... الشعر، النثر، الرسم... أو كما قال الجاحظ: "الشعر جنس من التصوير". أو كما قال سيمونيدس: "الرسم شعر صامت، والشعر صورة ناطقة". فلا عجب إذن أن تجد شعراً منثوراً ونثراً شعرياً وشعراً يتحدى القافية والوزن على أن لا يخرج عن كونه شعراً في تأثيره في النفس والروح على أن يبقي فيه إيقاعاً من نوع ما، لأن الإيقاع هو لغة العقل الباطن ولغة الكون في نبضه. ويمكن أن نلحظ الإيقاع في كافة الظواهر الكونية والاجتماعية واللغوية... من هنا قام المؤلف بدراسة هذه الأنواع الفنية وغيرها غير هذه النوافذ الثلاث: عن الموسيقى في الشعر والصورة الشعرية والبناء الشعري، وتكملة لهذه النوافذ، قام المؤلف بتخصيص فصل للحديث عن مادة الشعر وشروط الشاعرية، وفصلاً عن الشعر والفنون الأخرى. محاولاً التسهيل على الدارس بتجديد الفترة المدروسة من أواخر القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين؛ ربما لأن هذه المرحلة تمثل نموذجاً في هذا المجال من الدراسات. إقرأ المزيد