تاريخ النشر: 18/07/2019
الناشر: مؤسسة البلاغ
نبذة نيل وفرات:" بضعة سلالم حجرية قد قلبت حياتي رأساً على عقب ، أحياناً أفكر بأن ما حدث معي كان مجرد حلم ليس أكثر . فغالباً ما يكون الواقع عجيباً ولا يُصدّق ، وعندما أسترجع الماضي أرى بأن نزولي من تلك السلالم كان بدايةً لتلك الحادثة المدهشة . يقول جدي : ..." كانت حادثةً عجيبةً ، لكي يجب تصديقها " فالحياة ، السماء ، الأرض أيضاً أشياء عجيبة وقد تبدو كحلم جميل أحياناً ، ومع إيمانك بخالق الكون يمكنك تصديق أي شيء . كل الحكاية بدأت من قرارٍ اتخذه جدي قد يبدو غير مهم في البداية ، ولم أعرف لِمَ اتخذ هذا القرار . أتى فجأة وقال : " هاشم ! يجب أن تأتي معي إلى الأسفل " . وأنا ذهبت معه ، ومن ثّمّ عرفت كيف يمكن لحادثة صغيرة أن تغيّر حياة الإنسان . الخالق الجليل قد وهبني الكثير من الجمال ، وجدّي الذي ما زال يتمتع بهذا الجمال أيضاً كان يقول لي : " يجب عليك بدل الجلوس في المعمل أن تأتي إلى الدكان وتساعدني في البيع " . ويضيف : " لقد أصبحت مسناً ويجب عليك أن تستلم العمل لكي أطمئن على أنك تستطيع أن تدير المعمل والدكان من بعدي . " كنت أردّ عليه قائلاً : " إسمح لي بتعلّم الصياغة لكي لا يكون هناك أحد في مدينة " الحلّة " يتمتع بمثل مهارتي ، لأنني إذا لم أمتلك مهارة في حرفتي فلن يثق بي الزبائن أو العمال " . ينظر بإعجاب إلى تصاميمي ويقول : " أنت معلم منذ الآن ولكنك لا تدرك ذلك " . ومن ثَمّ يقول : " لا أريد الحصول على احترام الآخرين بسبب نفوذك أو أموالك يا جدي ، بل أريد أن يحسدك جميع أهل العراق والحلّة ويقولوا ، سلمت يدا " أبو نعيم " على هذه التربية الصالحة لحفيده " . كان يضحك من كلامي ويأخذني في أحضانه ، وأحياناً كان يتنهد وتدمع عيناه ثم يقول : " حين فقدت والدك رحمه الله في ريعان شبابه لم يتبقَ لي أملٌ في الحياة ، فليغفر لي الله ، فقد اشتكيت وكفرت به كثيراً ، وكنت أترك العمل للموظفين وأمضي أكثر أوقات في حمام " أبو راجح " . ولولا مواساة أبي راجح لي لخسرت عملي ومتّ من حزني على والدك ... في تلك الأيام تزوجت والدتك مرة أخرى مع إصرار والدها وذهبت على الكوفة ، لم يوافق زوجها على أن تأخذك معها ، لذا تركتك وأنت في الرابعة من عمرك برعايتي ، والإهتمام بطفل صغير من دون أم وأب مهمة صعبة . لكن " أم حباب " كانت تعتني بك جيداً ، ثم انشغلت برعايتك والحمد لله كأن والدك عاد إلى الحياة مجدداً ... أبو راجح يمتلك حماماً كثيراً وجميلاً في وسط مدينة الحلّة ، كنت أحبه كثيراً ، فمنذ نعومة أظفاري عندما كان جدي يأخذني إلى الدكان ، كنت أتسلل إلى حمام أبي راجح لكي أراه وألعب بالأسماك الصغيرة الموجودة في الحوض الصغير الكامن في منتصف غرفة تغيير الملابس . غالباً ما كان يجلب معه إبنته الصغيرة " ريحانة " التي كنت آخذها بيدها ونذهب للعب في وسط السوق بين القوافل ، ولكن عندما بلغت ريحانة السادسة من عمرها لم يعد يجلبها أبو راجح معه إلى الحمام ، منذ ذلك الوقت غالباً ما كنت ألتقي بها فقط عندما كانت تحضر الطعام لوالدها وتقول : " هاشم ! إذهب وأعطِ هذا الطعام لأبي " . ثم تذهب سريعاً . في أحد الأيام جاء جدي إلى الدكان سعيداً وقال : " هاشم ! أنت قد أصبحت كبيراً ويجب عليك أن تفكر في الزواج ، أريد أن أراك عريساً ما دمت على قيد الحياة ، وأن أرى أولادك . لا أتمنى شيئاً بعد ذلك " . في تلك اللحظة لا أعرف لماذا تذكرت ريحانة . في يوم من الأيام عندما كان جدي عائداً من حمام أبو راجح قال : " للأسف أن أبو راجح شيعي ، وإلا كنت قد طلبت لك يد إبنته للزواج " . عندما سمعت اسم ريحانة بدأ قلبي يخفق ، لقد تعجبت كثيراً .. لم أظن بأن صديقة الطفولة قد أصبحت فجأة مهمة بالنسبة إلي ... قلت لجدي متسائلاً : " ما الذي جعلك تفكر بريحانة الآن ؟ ! ! " [ ... ] وتأتي ريحانة وأمها ذات صباح قاصدتان دكان جدّ هاشم لشراء زوج أقراط لإبنتها .. لمح هاشم وجهها من جديد .. هي ريحانة نفسها .. لكن شيئاً قد تغيّر يها قد حرّك قلبه ... جمالٌ ممزوج بالحياء والإحتشام ... وصديقة الطفولة تشغل باله وتأخذ بلبّه ... وتتوالى الأحداث .. وتتأزم إلى درجة تجعل تلك العاطفة تثمر زواجاً ... وضمن مناخات إستفزازية حيناً ومشوّقة أحياناً أخرى ينسج الروائي خيوط حكايته لتبلغ ذروتها مع تأزم الحالة السياسية العامة وذلك باستحضاره لذلك الصراع المذهبي على مستوى الدولة الذي كاد يودي بحياة أبي راجح ... وتلاشى فكرة زواج هاشم من ريحانة مع بروز " قنواء " ابنة الحاكم الصغيرة كمشروع لتصبح زوجة لهاشم ... تستدرجك الأحداث لتمضي مع الحكاية إلى النهاية ، مشدوداً من خلال أسلوب سردي شيّق .. وحبكات لمواقف مثيرة لا تنتهي . إقرأ المزيد