تاريخ النشر: 01/01/1988
الناشر: دار العودة
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:العالم الشعري عند سعدي يوسف لا يفتح أبوابه بسهولة للقارئ والدارس معاً. فالمغامرة الشكلية التجريبية، وبخاصة في المراحل المتأخرة من شعره، يمكن أن تصدّ الدارس الذي يطلب الراحة والقارئ الذي ينشد متعة جمالية غير مؤجلة. إنه عالم ملتبس ومليء بالمفارقات حين يؤخذ مرة واحدة في جملته.
فهو يفصح أحياناً عن ...خطاب أيدولوجي صارخ، يتاخم لغة البيان السياسي، وأحياناً أخرى يكاد أن ينغلق داخل رموزه، فيحيل ذاته ويكف عن التعدي إلى مرجع مشترك. وكسر العادي المألوف حتى نقول إنه قطع نهائياً مع الذاكرة الدلالية العامة للغة، ثم يغرق في العادي المألوف حتى نتساءل عن مكان الشعرية. يلتقط التفاصيل من مشاهد الحياة اليومية بخبرة مصور فوتوغرافي لا يطلب غير تجميد المشهد ولحظته أملاً في مراجعته واستنطاقه في وقت تالٍ، ثم يخرج منها إلى الذهني المجرد مستدعياً ذخيرته الثقافية الخالصة. يحاور الرموز المحلية والشعبية في مقهى مهجور، وما يلبث أن يسقط الفواصل الجغرافية والثقافية بينها وبين رموز مستعارة من ثقافات ومدن أخرى بعيدة.
يتوزع بين النخلة المنتصبة على ضفاف دجلة بكل حضورها الحسيّ والوجداني، وبين الأفكار القادمة من الكتب الأجنبية المصفوفة على منضدة في غرفة صغيرة منعزلة، يلغي الحدود بين الحواس متى نرى لون الصوت ونسمع صوت اللون. يوظف القيم والأشكال البصرية على الصفحة حتى تتداخل سيمياء الفنون التشكيلية وسيمياء الفن الشعري، يفجع أصوليي الواقعية الاشتراكية بشكلانية منغلقة، مثلما يفجع التصنيف، ويتماهى تجواله في المدن مع تجواله في الأشكال المتنافرة. ولعل هذا ما أراده، ولعل هذا أيضاً ما جعل الباحثين ينصرفون عن دراسة شعره بالقدر الذي يتناسب مع غزارة إنتاجه. إقرأ المزيد