المنطلقات ؛ ما هو مجتمعنا... من نحن؟
(0)    
المرتبة: 50,691
تاريخ النشر: 01/01/1979
الناشر: دار المسيرة للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:يقول المؤلف في مقدمة كتابه: عندما أثبتت هزيمة يونيو / حزيران 1967 جسامة المخاطر التي ينطوي عليها الأسلوب التجريبي أصبح مسلماً أن مواجهة المستقبل العربي بغير "نظرية حماقة خرقاء"، فقد كنا صادفنا النجاح الذي تصادفه التجربة أحياناً فأغرانا نجاحنا العرضي بالإصرار على عدم الإلتزام العقائدي، وألهانا عن المخاطر التي ...كانت تنتظر مسيرتنا؛ فإذا بنا نتبين، في أسوا الظروف ملاءمة للتراجع، أنه كان نجاحنا مؤقتاً ومحدداً وأن الحساب الختامي للمسيرة غير العقائدية كانت خسارة فادحة...
وهكذا يبين ضرورة وجود حوار بناء بين كثير من المشغولين بالمستقبل العربي إنطلاقاً من مسلمة أولى هي ضرورة "النظرية" لمواجهة مشكلات الواقع العربي ومستقبله، طارحاً السؤال التالي: ما النظرية التي نريد؟...
إذ إن كلمة "نظرية" كلمة مضللة فهي تطلق على مفاهيم عدة: من أول المقولات الميتافيزيقية المجردة إلى آخر الأساليب الفنية في التطبيق، وهذه لا تعني شيئاً في النضال العربي والذين يدرسون القانون يعرفون "نظرية الحق"، "ونظرية السبب" و"نظرية البطلان"، و"نظرية سلطان الإرادة"، و"نظرية السيادة" و"نظرية فصل السلطان".... إلخ، وفي الإقتصاد "نظرية السوق"، و"نظرية القيمة" و"نظرية الريع" و"نظرية السكان" و"نظرية المنفعة"... إلخ.
وعلى مستوى النظم هناك النظرية الرأسمالية والنظرية الإشتراكية، وكل منها تتضمن عشرات النظريات المتميزة، وعلى مستوى مناهج المعرفة هناك "نظرية المنطق" لأرسطو، و"نظرية الجدل" ليهجل؛ وثمة نظرية القانون الطبيعي ونظرية... وكلها نظريات: "فبأي مفهوم "للنظرية" تكون النظرية التي نريد؟...
يمضي الكاتب في إستجلاء مفهوم النظرية، مبيناً التعقبات التي تحول دون الإجتماع على نظرية من مشكلة المنهج إلى مشكلة الإنسان، وإلى تعدد المناهج التي أوردها مستفيضاً في شرحها وبيان مقوماتها، فتحدث عن كلٍّ من: المنهج الليبرالي، ومناهج التطور بما في ذلك المنهج التاريخي، الجدلية مبيناً فشل الميتافيزيقيا وتطور المنهج الجدلي، منتقلاً وفي معرض حديثه عن المناهج وتعددها إلى المنهج الإسلامي، مبيناً من ثم أزمة الفكر القومي وتفوقه مختتماً ذلك كله بحديثٍ في النظرية إنطلاقاً من الوجود القومي ووحدته ووحدة الدولة القومية، لتكون له وقفة عند القومية بما في ذلك علاقتها بالإنسانية، بالإسلام، بالأممية... ثم ليختتم بحثه عن منطلقات نظرية الثورة العربية، بالحديث عن مصير الأمة العربية وبقوله: "... وعندما نسمع أو نقرأ حديثاً عن "الخلود" الذي ينسب تمجيداً فارغاً لأمتنا العربية لا ينبغي أن تعزينا الكلمة الكبيرة عما يمكن وراءها من جهل بقوانين التطور الإجتماعي، أو عن الذهنية الليبرالية التي تعبر عنها.
وقد عرفنا من قيل كيف أننا عندما تجهل قوانين التطور الإجتماعي لا نستطيع أن نطور مجتمعنا، وعندما نكون ليبراليين تكون القومية عندنا إنتماءً مقطوع الصلة بحركة التطور القومي؛ إن الحديث عن الخلود القومي حديث عن الفشل، والفشل لا يمكن أن يكون قومياً.
وفي نهاية المطاف، فإن الكاتب واللافلات من التضليل الذي تثيره كلمة "نظرية" بغير تحديد؛ وذلك بتحديد مفهوم "النظرية" التي يدور حولها كل حوار على حدة، حتى لا تختلط في أذهان المتحاورين دلالات مختلفة لكلمة "نظرية" وهم يتحدثون عن "نظرية الثورة العربية" مثلاً، مؤكداً بأن هذا التحديد لازم لأي حوار غايته أن يؤدي إلى إتفاق.
وإن ما يصبو إليه هو الإجتماع على نظرية "القومية" والوجود القومي الذي يمثل التكوين التاريخي الذي أسهمت فيه كل الجماعات والمجتمعات والشعوب التي دخلت معاً مرحلة التكوين القومي وانتهت إلى أن تكون أمة واحدة... فالقومية لغة، وتاريخاً، وتراثاً، وثقافة، لا تناقض ولا تلغي ولا تنفي ما كان لتلك الجماعات والمجتمعات والشعوب من لغات وتاريخ وتراث وثقافة، بل إن القومية القائمة على أن "الإنسان هو العامل الأساسي في التطور" وأن الأمة هي نتيجة تطور تاريخي تقدمي لا يمكن أن تقف موقفاً سلبياً من التاريخ القديم لأولئك البشر الذين أصبحوا - خلال المعاناة المشتركة - المجتمع القومي الذي تعبر عنه، ولا أن تتجاهل ما حمله أولئك البشر من تراث وهم يصنعون معاً التراث القومي... إقرأ المزيد