سامراء 'سر من رأى' العاصمة الثانية للخلافة العباسية
(0)    
المرتبة: 104,699
تاريخ النشر: 17/10/2016
الناشر: الهيئة العامة للآثار والتراث
نبذة نيل وفرات:ليس في العراق ، الغني بآثاره الفريدة ، ما يثير في النفس من إعجاب واندهاش وألم ، كتلك التي تثيرها أطلال مدينة سامراء ، تلف الأطلال التي تمتد على مسافة تقارب من 34 كيلومتراً ، على شاطىء دجلة حيث تقع ثمانية منها جنوب المدينة الحالية ، و 56 كيلومتراً ...في شمالها ، وعرضها يتراوح بين 2-4 كيلومترات ، وهذا تكون أكبر مدن العالم الإسلامي المندرسة مساحة . ويرجح أن يمتد تاريخ استيطان سامراء إلى عصور موغلة في القدم ، ، فقد كشفت الحفائر الأثرية في أطلالها ، إن موضعها كان آهلاً بالسكان ، منذ عصور ما قبل التاريخ ، حيث عثر على معالم حضارية راقية سميت بإسمها ، كما أظهرت التنقيبات في موقع تلّ الصوان ، الواقع على بعد عشرة كيلومترات جنوب سامراء الحالية ، وجود حضارة متقدمة ترجع إلى الألفين السادس والخامس قبل الميلاد . ويبدو أن موقع سامراء كان مهماً ، حيث جاء في المعلومات التاريخية والأثرية ، أسماء السدود ومشاريع الري والمزارع وديارات النصارى التي كانت موجودة فيها حتى القرن الثاني للهجرة . وكانت سامراء منتزهاً للمناذرة ، وموضع أنس ينتابه كبار رجال الدول المجاورة . ثم واصلت سامراء نموها الحضاري ، حتى بلغت في العصر العباسي أوج الإزدهار ، وامتد بها العمران ، مما جعلها حاضرة العالم الإسلامي ، وذلك في عهد الخليفة العباسي محمد المعتصم ، ثامن خلفاء بني العباس ، الذي أسس فيها مدينته الجديدة ، وجعلها مقرّ قيادته العسكرية ، ونقل إليها مركز الخلافة الإسلامية عام 221ه / 835م . حكم في سامراء ثمانية خلفاء هم : محمد المعتصم بالله ، الواثق بالله ، المتوكل على الله ، المنتصر بالله ، المستعين بالله ، المعتز بالله ، المهتدي بالله ، المعتمد على الله ، قيل : أنه غادرها قبل وفاته بستة اشهر ، فتولى الخلافة من بعده المنتصر بالله ، وسامراء الحديثة اليوم ، مدينة تقع على مساحة 120 كم إلى الشمال من بغداد ، حيث نشأت هذه المدينة على جزء من أطلال العاصمة العباسية المندثرة ، حول مشهد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري الذي عاصر حكم الخليفة المتوكل واللذين توفيا في أواسط القرن الثالث الهجري ، وتم دفنهما في بيتها بمدينة سامراء ، واقيمت عليها قبة عام ( 597ه / 1200م ) وطُليت بالذهب سنة 1285ه / 1868م . وتُعد هذه القبة من أجمل وأضخم القباب التي أقيمت للأضرحة العراقية . وإلى جانب هذا المبنى اقيم سرداب الغيبة ، وأقيمت عليه قبة .. المعروفة " قبة صاحب الزمان " ، وهذا ما جعل لهذه المدينة أهمية دينية ، بالإضافة إلى أهميتها الثرية . وخلال فترة الإحتلال العثماني ، على عهد الوالي مدحت باشا ، جعلت سامراء ولاية عام 1286ه / 1869م. ، حيث كان يحيط بالمدينة سور ضخم ، مضلّع الشكل ، يميل إلى الإستدارة ، ويبلغ محيطه كيلومترين ، وقطره حوالي 680 متراً ، أقامه زين العابدين عام 1250ه . ولهذا السور أربعة أبواب رباب القاطول في الغرب ، باب الناصرية في الشمال ، باب بغداد في الشرق ، باب الملطوش في الجنوب . ونتيجة للتوسع العمراني للمدينة ، هدم السور والأبواب ما عدا باب بغداد ، فقد حُوّل إلى متحف محلي ، تُفرضُ فيه الآثار المستخرجة من المواقع الأثرية لهذه المدينة . ولمدينة سامراء أهمية خاصة بين مدن العراق القديم ، كونها شُيّدت وازدهرت وهُجّرت خلال فترة قصيرة ، أمدها نحو نصف قرن ، لهذا فإن كل ما فيها من مبان ، وما عُثر عليه بين أنقاضها من لقى ، يعود تاريخها إلى دور معين وتاريخ معين أيضاً ، يمكن تحديده بالقرن الثالث الهجري ، من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يحتل مرجعاً هاماً لما يضمه من معلومات تاريخية هامة حول مدينة سامراء تتناول تاريخ إنشائها ودورها في التاريخ الإسلامي ، والأحداث التي تعاقبت عليها ، ومعالمها الأثرية من هذه المعالم التي ورد ذكرها : 1- المعالم الثرية للمباني التي أقيمت في عصر المعتصم والتي ما تزال آثار بعضها قائمة إلى الوقت الحاضر : 1- المسجد الجامع ( يقع في النهاية الشمالية للسوق الرئيسية ، إلى غرب جامع الملوية القائم حالياً ) ، 2- دار الخلافة ( نقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة في أجمل بقعة من المدينة وأهمها ، وتُعدّ آثاره من أكثر البقايا شخوصاً في سامراء ) 3- تلّ العلّيق ( يقع في الشمال الشرقي من دار الخلافة ، ويعرف أيضاً تلّ المخالي ، وقد تم العثور وأثناء التنقيبات فيه على بناء مربع الشكل مقسم إلى تسع غرف ) 4- حلبات السباق ( تقع على الحدود الشرقية لمباني سامراء القديمة ، تقوم آثار ثلاث حلبات سباق ، أحدثها وأكبرها تنسيقاً تلك التي تقع شمال شرق الجامع الكبير ) 5- قصر الحويصلات ( يقع القصر في الجهة القريبة من نهر دجلة ، على بعد 17 متراً شمال قطار سامراء ) 6- معسكر الإصطبلات ( تقع أطلاله في الجانب الغربي من نهر دجلة ، على بعد 5 كيلو متراً من مدينة سامراء الحالية ) 7- سوراشناس ( من المباني البارزة التي انتهت خلال حكم المعتصم ولا تزال أطلال هذا السور قائمة ) 8- القصر الهاروني ( يقع هذا القصر في الجنوب الغربي من دار الخلافة ، على الضفة الشرقية في نهر دجلة ، في الموقع المعروف بـ " الكوير " . بالإضافة إلى هذه المعالم ، هناك معالم أثرية لمباني أقيمت في عهد المتوكل عام 232ه الذي امتاز عهده بكثرة المشاريع العمرانية ، ولم يبنِ أحداً من الخلفاء بسرّ من رأى من الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل . فقد سعى إلى الإنشاء مدينة جديدة هي المتوكلية وعرفت بالماموزه كما سميت بالجعفرية نسبة إليه ( تقع في الحدّ الشمالي لمدينة المعتصم على بعد خمسة عشر كيلومتراً من موقع سامراء الحديثة ) ، إضافة إلى القصور التي شيّدها والتي تعدّ خمسة عشر قصراً والتي ما تزال آثارها باقية بالإضافة إلى الأسواق التي أقيمت في مواقع متفرقة من المدينة ، وقد امتازت المتوكلية في تخطيطها على أساس تصاميم دقيقة يتمثل فيها الفن التخطيطي الدقيق والتنسيق . بالإضافة إلى ذلك فإن من أبرز الأعمال العمرانية التي خلفها المتوكل والشاخصة إلى اليوم : المسجد الجامع ، جامع أبي دلف ، قصر بكلوارا ( يعرف اليوم المنقدر ) القصر الجعفري ، البركة الجعفرية ، صيد الوحوش ، قصر المعشوق ، القبة الصليبية .. وهكذا تعرض الباحثة الأثرية لهذه الأماكن متحدثة عن تاريخها وطرازها العمراني وموقعها اليوم . وقد تم إغناء هذا البحث بالمزيد من الملاحق التي ضمت صوراً للمواقع الأثرية وخرائط هندسية لطراز بنائها . إقرأ المزيد