تاريخ النشر: 01/01/1965
الناشر: الهيئة العامة للآثار والتراث
نبذة نيل وفرات:تقع مدينة الموصل على ضفتي دجلة نحو ( 4000 ) كم إلى الشمال من مدينة بغداد ، وتتصل بأطراف المنطقة الشمالية بعدد من طرق السيارات ، هذا ، إضافة إلى سكة الحديد التي تربطها ببغداد والبصرة من جهة ، وتركيا وأوروبا من جهة أخرى عن طريق تل كوجك . ...فالجانب الغربي منها يؤلف معظم المدينة ، أما الجانب الشرقي فهو محصور بين ضفة النهر اليسرى وأطلال نينوى ، وهو الجانب حديث نسبياً إذ أخذ بالنمو بعد الحرب العالمية الأولى .. وقد سميت هذه المدينة قديماً بأسماء مختلفة ، فكانت تسمى في أيام الفرس ( لو أردشير ) أو ( بو أردشير ) ، كما سماها النصارى القدماء الذين كانوا يقطنونها قبل الفتح الإسلامي بـ " حصن عبدايا " أي " الحصن العبوري " . ولما فتحها العرب وزادوا في توسيعها كانت تُعرف بـ الموصل " وهو الإسم الشائع ، كما أنها تلقّب اليوم بـ " الحدباء " و " أم الربيعين " . أما منشأ مدينة الموصل فيعتوره شيء من الغموض ، وقيل أنها كانت قرية في أيام الأشوريين ، وقيل أنها بُنيت على أيدي الفرس . على أن الأخبار الواردة عنها في الحقبة التي سبقت الفتح الإسلامي لا تقوم على ما يفصح عن تاريخها . وجُلّ ما يُظن عنها أنها في تلك الفترة أنها كانت تتألف من محلتين يسكن إحداها " المجوس " من الفرس ويسكن الأخرى " النصارى " . وفيما يلي نبذة قصيرة عن تاريخ مدينة الموصل من الناحية الأركيولوجية وعن أهم الواقع الثرية التي جرى التنقيب فيها . لقد أسكن الإنسان الأول هضاب الموصل وسهولها منذ أقدم العصور وخلّف مساكنه ومواطنه المطمورة تحت التراب ، وهي منبثّة في كل بقعة من هذا اللواء بشكل تلول تنتشر على سطوحها الحجارة وكسر الفخار . ولقد اختار الأثاريون من تلك التلول ما يمثّل أزماناً مختلفة وأدواراً متعاقبة للتغيّب فيها ، فكشفت مدينة الآثار العامة في ( 1942 ) عن قرية في تل " حسونة " الكائن في ناحية الشورة على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب من الموصل ، وجدت فيها آثار دلّت على انتقال الإنسان الأول من سكن الخيام إلى بيوت الطين الأولى ، كما دلّت على تدرجه في صنع الفخار وآلات الحرث والزراعة . هذا ، وتنتشر في أطراف الموصل تلال كثيرة ، يرجع تاريخها إلى الألفين الخامس والرابع قبل الميلاد كتل ْ " الأريجية " الواقع على بعد خمسة كيلومترات إلى الشرق من الموصل ، ولقد وجدت فيه دور مشيدة باللبن وشوارع مبلطة بالحجارة وأوان من الفخار مزينة بشتى النقوش ومختلف الألوان صنعت بغاية الدقة الفنية والإحساس بالخيال . ومن هذه التلول أيضاً تل " تبه كورا " الواقع على بعد عشرين كيلومتراً شمال شرقي الموصل . وقد نشأت فيه قرية منذ العصر الحجري المتأخر ، وعاشت حتى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد . كذلك تل " كرى رش " بالقرب من سنجار وجدت فيه مديرية الآثار العامة آثاراً يعود تاريخها إلى المرحلة التي اهتدى فيها الإنسان في جنوبي العراق إلى الأصول الأولى للكتابة في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد وفي بدابة الألف الثالث قبل الميلاد وظهر الآشوريون في لواء الموصل وحلّوا في أعالي وادي الثرثار على ضفتي دجلة ، وهم من العراقيين القدامى الذين عرفوا بالبأس والقوة والذين سرعان ما اقتبسوا أساليب الحضارة السومرية التي ازدهرت في جنوبي العراق . فنما كيانهم وشيّدوا مدناً عامرة وقرىً عديدة فتعاظمت دولتهم الأولى شيئاً فشيئاً حتى أصبحت أمبراطورية معظمة امتد سلطانها في معظم أرجاء الشرق القديم وشملت خلال القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد وجميع بلدان الشرق ؛ من أسوان مصر غرباً حتى بحر قزوين شرقاً . وأصبحت عواصمهم الكبرى مثل آشور ( قلعة شرقاط الحالية ) وكالح ( المعروفة أطلالها حالياً بنمرود ) ونينوى ودور شروكين ( حالياً خرسباد ) مراكز كبرى للحضارة والسلطة ، يقصدها الناس من كل حدب وصوب ، وتأتيها الرسل والوفود من مختلف الأقطار حاملة إلى قصورها أنفس الهداها وأرقى ما توصلت إلى إبداعه يد الإنسان . وبعد خراب نينوى في عام ( 612 ) ق.م. تكوّنت دويلات صغيرة كان من أبرزها مملكة حدياب التي نشأت على أنقاض الأمبراطورية الآشورية ، واتخذت من اربيل عاصمة لها وامتد سلطانها إلى أرفا ( مدينة الرها التاريخية ) وإلى الحضر حتى وادي الفرات . واليوم تقوم في قلب هذه المنطقة مدينة الموصل التي تعدّ من أشهر مدن العراق وتلي بغداد سعة وعمراناً . هذا ويرى الزائر في هذه المدينة كثيراً من المباني التاريخية والمخلفات الأثرية من مساجد وكنائس ومدارس وقصور وعمارات أخرى قديمة ، التي لها قيمة أثرية لما انطوت عليه من فنون الزيارة وما اشتملت عليه من كتابات جدارية وزخارف فنية متقنة . من هنا كان لا بد من الإهتمام بهذه الآثار ، وكانت التفاتة مديرية الآثار العراقية إلى القيام بدورها في هذا المجال ، حيث تمكنت في عام 195 من الحصول على بناء فخم اتخذته كمتحف ، فكان حينها أول متحف للآثار القديمة في مدينة الموصل بما يليق بهذه المدينة ، نظراً لما لها من مكانة تاريخية ولكثرة مواقعها الأثرية التي كانت في السابق من المراكز المهمة للحضارات القديمة في وادي الرافدين ، كما ذكر آنفاً ، والتي كان لها الأثر الفعّال في تطور الإنسان ومدنيته . وقد تم تنظيم القاعة الأولى من هذا المتحف في عام ( 1951 ) حيث نهضت فيها نماذج من أهم الآثار المكتشفة في مدينتين من المدن الأثرية في الموصل وهما ( نمرودوار ) وتم فتح المتحف للجمهور . وليتم بعد ذلك توسيع نطاق العرض في هذا المتحف ، فنظمت فيه قاعة ثانية عرضت فيها نماذج من الآثار التي تمثل مختلف أطوار الحضارة القديمة في أرجاء وادي الرافدين ، منذ العصور الحجرية حتى أواخر العصر الإسلامي ليتسنى للزائرين ، ولا سيما طلاب المدارس الإلمام بتاريخ الحضارة في العراق . من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب التي يمثل دليلاً لمحتوياته من خلال شرح وتوضيح لكل أثر من الآثار التي ضمتها قاعات هذا المتحف ، وتم إغناء ذلك بالصور لكل أثر . ولمزيد من التوضيح يبين ما يلي : 1- احتوت القاعة الأولى على الآثار الآشورية ، 2- آثار الحضر . واحتوت القاعة الثانية على آثار العصر الحجري - عصر ما قبل الإسلام - الخزانات الجدارية ، الجناح الغربي الإسلامي في القاعة الثانية . هذا وقد تبع ذلك وصف مفصل للصور التي ضمها هذا الدليل لمتحف الموصل . إقرأ المزيد