تاريخ النشر: 12/01/2009
الناشر: منشورات عالم الشباب
نبذة نيل وفرات:جبران خليل جبران هو جبران بن خليل بن ميخائيل بن سعد. من أحفاد يوسف جبران البشعلاني اللبناني. نابغة الكتاب المعاصرين في المهجر الأميركي، وأوسعهم خيالاً، أصله من دمشق، نزح أحد أجداده إلى بعلبك، ثم إلى قرية بشعلا في لبنان، وانتقل جده يوسف جبران إلى قرية "بشري"، وفيها ولد جبران ...في السادس من كانون الثاني سنة 1883م/1300هـ.
ثار جبران في بدء حياته الأدبية على الظلم الذي تجسد في جور التقاليد والحكام وغطرسة رجال الدين، وانتهت ثورته برواية "الأجنحة المتكسرة". ولم يثر جبران على الحكام والرهابين وحدهم، بل على جميع الناس وتقاليدهم ومقاييسهم وموازينهم، وعلى الأسس الواهية التي أقاموا عليها صرح حياتهم، فلا أيدانهم ولا سياساتهم ولا فلسفتهم حررتهم من الخوف والذل والعبودية والمسكنة، بل إنها على العكس من ذلك، مكنت في نفوسهم مخاوف ورذائل لا حصر لها، إذ قضت على الإرادة الخلاقة فيهم التي هي وحدها الكفيلة بأن تبلغ بهم الإنسان الأمثل، أو الإنسان المتفوق.
ونرى البذور الأولى لهذه الثورة في قصيدة "المواكب" ولكننا نراها بوضوح صارخ في مجموعة مقالات كتبها جبران قبل "المواكب" ثم جمعها وغيرها من المقالات وأصدرها في كتاب سماه "العواصف" ونشرته مجلة الهلال في مصر سنة 1920م، وأبرز تلك المقالات "حفار القبور" بالإضافة إلى مقالات أخرى أهمها: "العبودية" و"يا بني أمي" و"نحن وأنتم" و"أبناء الآلهة وأحفاد القرود" و"الأضراس المسوسة" و"العاصفة".
في "حفار القبور" لا يجد جبران له شغلاً أحب إلى قلبه من حفر القبور وإلحاد الأموات، ومن هم الأموات الذين يلحدهم؟ هم "جميع الناس الذين يرتعشون أمام عاصفة الحياة فتظنهم أحياء وهم أموات منذ الولادة ولكنهم لم يجدوا من يدفنهم فظلوا منطرحين فوق الثرى ورائحة النتن تنبعث منهم".
وفي "العواصف" مقالات تعود بك إلى جبران "دمعة وابتسامة" إلى ذلك الشاعر الوجداني الذي ما كان يلذه شيء مثلما يلذه أن ينثر قلبه على الورق بكل ما فيه من حب وكآبة ووحشة وغربة وألم وشوق وحنين، مثل قوله في "الشاعر": "أنا غريب في هذا العالم، أنا غريب وقد جبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد مسقط رأسي ولا لقيت من يعرفني".
وكذلك في المقطوعة "بين ليل وصباح"، إذ يقول: "اسكت يا قلبي فالفضاء لا يسعك" ويختم مقاله بالقول: "قم يا قلبي وارفع صوتك مترنماً فمن لا يشارك الصبح بأغانيه كان من أبناء الظلام".
وكذلك المقطوعة "مات أهلي" التي كتبها أيام المجاعة في لبنان إبان الحرب العالمية الأولى، إذ يتمنى لو كان سنبلة من القمح نابتة في تربة لبنان يقتات بها طفل جائع أو ثمرة يانعة في بساتين لبنان تجنيها امرأة جائعة، أو طائراً في فضاء لبنان يصطاده صياد جائع.
أما "العاصفة" التي يعود فيها جبران إلى التبرم بالناس وتقاليدهم، وإلى تمجيد التمرد والإشادة بجمال الاعتزال، ففي آخرها ما يدلك على أن جبران الثائر قد أخذ يشعر بأن الثورة وحدها قد تنتهي بأن تخذل ذاتها بذاتها، لا سيما إذا كان الغرض منها قلب النظام الذي منه يبتدئ وإليه ينتهي كل نظام. فذلك فوق طاقة الناس. ولذلك يعترف جبران أمام نفسه: "قد تكون المدينة الحاضرة عرضاً زائلاً، ولكن الناموس الأبدي قد جعل الأعراض سلماً تنتهي درجاته بالجوهر المطلق". وإذن على من أو على ما نثور ما دام في الكون "ناموس أبدي" وما دام كل ما في الكون خاضعاً لذلك النظام؟ إقرأ المزيد