تاريخ النشر: 12/01/2009
الناشر: منشورات عالم الشباب
نبذة نيل وفرات:أصدر جبران قصيدة "المواكب" سنة 1919م، على نفقته الخاصة في حلة أنيقة وزينها بمجموعة من الرسوم، وهي المرة الأولى والأخيرة التي اختار جبران فيها أن يتقيد بالوزن والقافية فقد سبق له أن نظم القليل من الشعر الموزون في حالات عاطفية طارئة. أما في هذه القصيدة فيلجأ جبران إلى فكره ...قبل قلبه ويطرح أفكاراً فلسفية في أهم شؤون الحياة، كالخير والشر والدين والحق والعدل وغيرها.
في القصيدة تياران يجريان في اتجاهين متعاكسين. وليس من صلة بينهما إلا التي يقيمها خيال الشاعر في وجدان القارئ، والقصيدة في تيارها الأول من البحر البسيط، وفي الثاني من مجزوء الرمل. والتياران يبدوان كما لو كان حواراً بين شخصين، الأول يمثل الحياة بظاهرها القبيح وباطنها الجميل، والثاني يمثلها وحدة روحية لا باطن لها ولا ظاهر. الأول يتبرم بما في الحياة البشرية من رياء وضعف وذل وقلق ونضال دائم بين الخير والشر، والثاني يمجد الحياة في "الغاب" –حياة الفطرة والسليقة حيث لا خير ولا شر بل استسلام كامل إلى المشيئة العاقلة المدبرة التي تتسامى فوق الخير والشر وفي الواقع فالصورتان هما صدى النزاع الداخلي في نفس جبران ما بين إيمانه بفطرة الإنسان ألإلهية، وبين كان يبصره في حياة الناس من بشاعة وتشويش.
يفتتح الصوت الأول بأبيات في الخير والشر ث ينتقل إلى الحياة فالدين فالعدل فالحق فالعلم فالحرية فاللطف، فالظرف فالحب فالجنون فالسعادة فالجسد فالموت.
أما الصوت الثاني فتسمعه في نهاية كل جولة من جولات الصوت الأول. فإن تبرم الأول بحزن أو عبودية، أو بجهل، وإن تحدث عن الحق والعدل والسعادة والموت والحياة... انبرى الثاني يقول: "إن ليس في الغابات" شيء من ذلك بل كل ما فيها ألفة وصفاء وهناء لا يشوبها شيء من التناقض القائم في أفكار الناس وقلوبهم من حيث علاقتهم بعضهم ببعض وبالكائنات من حولهم. وهو دائماً يتخذ من الناي وأنغامه رمزاً للخلود لذلك لا ينفك يطلبه في آخر كل نشيد من أناشيده. إقرأ المزيد