تاريخ النشر: 12/01/2009
الناشر: منشورات عالم الشباب
نبذة نيل وفرات:في عام 1908م صدر لجبران في نيويورك كتاب "الأرواح المتمردة" وقد نشرته، كما نشرت سالفه جريدة "المهاجر" لصاحبها أمين الغريب. وكتاب "الأرواح المتمردة" –كما يدل عنوانه- يحكي عن أرواح تمردت على التقاليد والأعراف والشرائع القاسية التي تحد من حرية الفكر والقلب، والتي تسمح لقلة من الناس أن تتحكم في ...أرزاق الناس وعواطفهم وأعناقهم باسم الدين والقانون.
ويحتوي الكتاب على أربع قصص هي: "وردة الهاني" و"صراخ القبور" و"مضجع العروس" و"خليل الكافر".
ويفتتح جبران الكتاب بحكاية "السيدة وردة" فيصورها امرأة صادقة القلب جميلة الوجه، نبيلة الروح، وقد شاء لها أهلها يوم كانت صغيرة أن تكون زوجاً لرجل وجيه غني يفوقها سناً بكثير. فما لبثت أن كرهته إذ تفتح الحب في قلبها عندما التقت الشاب الذي أثار كوامن نفسها. فهجرت زوجها وهربت مع حبيبها غير مبالية بكل الأعراف والتقاليد الاجتماعية، ورضيت أن تكون منفية من مجتمعها.
والقصة من أولها إلى آخرها عبارة عن شكوى امرأة مظلومة، ولكنها شكوى بليغة ومؤثرة بما أودعها فن جبران وحماسته واندفاعه من جمال وقوة وإخلاص. أما في "صراخ القبور" فهي حكاية ثلاثة حكم عليهم الأمير بالقتل من غير أن يسألهم سؤال ومن غير أن يسمع شهادة شاهد في قضاياهم.
وأولهم شاب اتهم بقتل ضابط، ولكنه قتله دفاعأً عن عرضه وشرفه، والثاني فتاة اتهمها زوجها بالخيانة، ولكنها في الواقع ما خانته، بل لم تكن تحبه لأنها ارتبطت به بالرغم من إرادتها، وكانت تحب سواه، وقد فوجئت في خلوة مع حبيبها فاتهمت بالخيانة وحكم عليها بالرجم. والثالث شيخ اتهموه بسرقة بعض الأواني الذهبية من كنيسته. ولكنه في الواقع ما سرق غير زنبيل من الدقيق لأنه كان جائعاً هو وأولاده بعدما طرده الدير من خدمته.
وفي "مضجع العروس" التي يقول جبران إنها حادثة جرت في شمال لبنان يطرح جبران الأفكار نفسها في باقي قصصه وهي الزواج الكرهي وجور الحكام والرهبان. فهناك شاب وفتاة يحبان بعضهما ولكن الفتاة تزف إلى رجل لا تربطها به أي عاطفة، وذلك من بعد أن وشى لها أحدهم أن حبيبها هام بغيرها. وفي ليلة زفافها، تبصر حبيبها بين الحضور فترسل إليه لمقابلتها خلسة في حديقة البيت، ويجتمع الحبيبان فيعلن الفتى –وليحافظ على كرامة حبيبته- أنه مال إلى سواها، ولكنها لا تصدقه، ولما يصر على موقفه تستل خنجراً وتطعنه، وعندئذ وهو بين يدي الموت، يبوع لها بحبه ويلفظ أنفاسه. فتدعو الناس بأعلى صوتها إلى "عرسها الحقيقي" وفوق جثة العريس تلقي خطبة رائعة في جمال الحب وقساوة التقاليد التي تحاول خنقها. ثم تغمد الخنجر في صدرها ولا تنقطع عن الكلام حتى ينقطع قلبها عن النبض، وتنتهي بحملة عنيفة على الكاهن، الذي رفض الصلاة على المنتحرين مهدداً باللعنة على كل من يجرؤ على لمسها.
أما "خليل الكافر" فيكاد يكون صورة ثانية لقصة "يوحنا المجنون" فهو كذلك في خصام مع الرهبان، وهو يلقي محاضرة طويلة في مظالم الحكام وساكني الأديرة. فهو قرأ تعاليم المسيح كما قرأها "يوحنا المجنون" فظهر له الفرق الواضح بين ما يوصي به المسيح من محبة وتسامح، وبين ما يفعله الكهنة، فثار عليهم وراح يبين ضلالهم، فهم يصرفون أيامهم ولياليهم متنعمين بخيرات الدير، ويتغذون بالخبز المعجون بعرق جبين الفقراء أمثاله، وهو يشقى لكي يوفر لهم رخاء العيش والرفاهية. إقرأ المزيد