الإمام علي الهادي - النموذج الأرقى للتخطيط المستقبلي
(0)    
المرتبة: 39,289
تاريخ النشر: 26/09/2008
الناشر: مؤسسة البلاغ
نبذة نيل وفرات:حفلت بدايات النصف الأول من القرن الثالث الهجري بالتماع قيادة الإمام علي بن محمد الهادي، وهو ينهد بمنصف الولاية الإلهية في إمامته في سن مبكرة لا تتعدى الثامنة من العمر. ولم يفاجأ المسلمون بإمامته بسن الصبا، فقد سبق لهم الاستضاءة بإمامة أبيه محمد الجواد وهو يتولى منصبه الشرعي بمثل ...هذا العمر أو دونه، فالتجربة -إذن- سابقة في عطائها، ولاحقة بأمثالها، وازداد أهل اليقين إيماناً وثباتاً، وظلت الدهشة تمتلك الخط المناوئ لأهل البيت تعجباً واستغراباً، ولكنهم أذعنوا مرغمين للأمر الواقع، فها هو الإمام علي بن محمد الهادي يتصدر قيادة الأمة في الإفتاء والإفاضة والتدريس في مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي الخلافة العباسية تضيق ذرعاً بالتفاف الجماهير حول الإمام، فيتملكها الذعر حيناً من تمكنه من القلوب، ويلازمها القلق القاتل من تصاعد شعبيته في الآفاق، فتعمد إلى استدعائه في عهد المتوكل إلى سامراء، فيقيم فيها تحت طائلة الرقابة المتشددة والرصد التام، ويتكيف الإمام للمناخ الجديد بأصالة ومرونة، ويتعامل معه بالحكمة وحسن التأتي للأمور، ويقابل الأحداث بصلابة الرجال الأشداء، ويقف أمام مسؤوليته القيادية وجهاً لوجه، فيخترق الحواجز برصانة التخطيط، ويذلل العقبات بقوة التأثير.
وقد استطاع الإمام بدقة التنظيم أن يبقي على شبكة الاتصالات قائمة بينه وبين الأمة بحذر وسرية وكتمان، فبث وكلاءه وأولياءه وتلامذته في الأقاليم يبلغون الرسالة، ويؤدون الأمانة، ويتسلمون الحقوق لصرفها في مظانها، أو إرسالها إلى الإمام بطريق ما، وينشرون فتاوى التشريع.
وفي ظل هذا البرنامج الخفي في أإلب تحركاته، شرع "نظام الوكلاء" وأصله في ضوء بدايات سابقة لآبائه، وكان هذا التأصيل في إطاره العام أحكاماً لأمر الإمامة، وتخطيطاً مستقبلياً لقيادة حفيده الإمام المهدي المنتظر.
وكلما اقتربت المدة من ظهور صاحب الأمر وغيبته الصغرة، كان عمل الإمام دائباً في الإعداد لتلك المرحلة الحرجة من حياة الإمامة، وتمرين أتباعه وأوليائه على تلقي التعليمات من الوكلاء والأصفياء والثقات تمهيداً لدربتهم على ذلك لدى غيبة الإمام المنتظر. وقد نجح الإمام علي الهادي نجاحاً باهراً في أداء هذه المهمة الصعبة حتى عده البحث بجدارة فائقة "النموذج الأرقى للتخطيط المستقبلي" وقد كان كذلك.
وهذا الكتاب يكرس جهداً متميزاً لإثبات هذه الحقيقة الكبرى، ويسلط الضوء على مسيرة الإمام المشرفة بأبعادها المتعددة، ويولي للجانب العلمي المقدس الذي أقامه الإمام شامخاً مصيبه الأوفى من البحث في مجالات شتى وشؤون متميزة، ويتابع البحث بالنقد المنهجي تأريخ المراحل التي قطع شوطها الإمام في ظل البلاط العباسي محاضراً ومراقباً، ويحلل الأحداث الهائلة التي صاحبت مسيرته القيادية الرائدة في كثير من ضغوطها وإفرازاتها في الصراه، ويحاكم البحث التأريخ الرسمي وهو يتجاهل هذا القائد الفذ والزعيم الملهم والإمام المفترض الطاعة.
ويتعرض البحث لمشاهد حية من السياسة العباسية الطائشة بكل مخلفاتها السلبية في البذخ والعبث والإسراف والجور والطغيان، وخنق الحريات، ومصادرة إرادة الشعوب.
وكانت طبيعة هذا الموضوع في تشعباته المنهجية أن انتظم في ثمانية فصول هي كالآتي: الفصل الأول: وعنوانه "الإمام مناراً.. في الأفق البعيد". الفصل الثاني: وعنوانه "الإمام علي الهادي في عصر الطواغيت"، الفصل الثالث: وعنوانه "الإمام علي الهادي في ممكلة المتوكل"، الفصل الرابع: وعنوانه "نظام الوكلاء في مجابهة التحديات"، الفصل الخامس: وعنوانه "حياة الإمام علي الهادي العلمية". الفصل السادس: وعنوانه "مدرسة الإمام علي الهادي في الرواية والرواة والأمثال". الفصل الثامن: وعنوانه "استشهاد الإمام علي الهادي ومشهده الشريف". وختم الكتاب بقصيدتين للمؤلف في الإمام وخاتمة المطاف فالمراجع.
وكانت مصادر هذا البحث ومراجعه تنتقل بين أفياء كتب الحديث والسنة، وتستلهم مصادر التأريخ والأدب والسيرة، وتفيد من علم الكلام والفلسفة، تستظل في أروقة الفنون الأخرى التي فجرها الإمام. إقرأ المزيد