تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة الناشر:استغرق العمل على هذه الموسوعة نحو عشرين سنة، إذ بدأ الإعداد لمادتها الأولية في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين، ولم ينقطع البحث في السرد العربي، قديمه وحديثه، منذ ذلك الوقت إلى أن جهزت هذه الطبعة للنشر في نهاية عام 2007، ولكن من التمحل القول بأن فكرة إعداد كتاب موسوعي ...يتتبع نشأة السرديات العربية منذ العصر الجاهلي إلى الآن، ثم يتقصى أبنيتها السردية والدلالية، ويقدم وصفاً للأنواع الكبرى فيها، كانت واضحة وجاهزة لا ينقصها سوى التنفيذ، فذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، ففكرة الموسوعة، بإطارها المقترح، بدأت تلوح لي في منتصف التسعينات، حينما وجدت دراساتي وبحوثي، في مجال السرد العربي، تتوسع وتتشعب وتغطي حقباً متتالية، ولذلك شرعت أعيد التفكير في الطريقة التي أكيفها ضمن سياق يجعلها تخدم الغرض الذي أطمح إليه، وهو رسم المسار المعقد للسردية العربية، تكويناً وأنواعاً وبنيات، خلال هذه الحقبة الطويلة. وتبين لي -وأنا أتولى تدريسها في عدد من الجامعات العربية لأكثر من عقد من السنين، وأمارس البحث في أصولها وخصائصها لأكثر من عقدين -غياب الوعي النقدي بها، فالمعومات عنها متناثرة، ولا تهدف إلى ربط النصوص بعضها ببعض، ولا تستنطق أبنيتها الدلالية، ولا تعنى بجذورها الشفوية وعلاقتها بالنصوص الدينية.
وإذا كان القارئ قد كون فكرة عن الشعر، بسبب الطريقة الخطية العتيقة التي سارت عليها كتب تاريخ الأدب، فقد حرم من معرفة السرديات التي قامت بتمثيل المخيال العربي-الإسلامي، واختزنت التطلعات الكامنة فيه والتجارب التي عرفها، وقد تعرضت، طوال تاريخها، إلى سوء فهم بسبب التركيز النسبي على الشعر من جهة أولى، وعدم امتثالها لشروط الفصاحة المدرسية في عصورها المتأخرة من جهة ثانية، وعدم اعتراف الثقافة المتعالمة بها إلا في حدود ضيقة من جهة ثالثة، فكان أن اختزلت إما إلى وقائع تاريخية، إخبارية، إو إلى أباطيل مفسدة.
وشاع جهل شبه تام بالخلفيات الشفوية والدينية للمرويات السردية العربية، وجهل بالعلاقات المتشابكة بين النصوص التي تنتمي إلى أنواع مختلفة، وجعل بأبنيتها السردية والدلالية، ثم جهل جقيقي بوظائفها التمثيلية، فكان وعيناً بأدبنا السردي ناقصاً، وكأ، تاريخ الأدب العربي يقفز على رجل واحدة، ولا يمكن الادعاء بأن هذه الموسوعة ستجعله يسير على رجلين، فذلك أمر يتجاوز قدرتها ويفوق طموحها قطعاً، إنما تريد المساهمة في تنشيط الاهتمام بهذا الجانب، كونها وقفت على الأنواع السردية الكبرى ضمن السياقات الثقافية الحاضنة لها، دونما استعارة لأي نماذج سردية أنتجتها ثقافات أخرى، وقد أولت عناية خاصة بالرواية لأنها أهم الأنواع السردية في الأدب العربي الحديث. إقرأ المزيد