تاريخ النشر: 01/04/2007
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"دفن الخليفة، الحاكم الصديق الحبيب، وبقيت أنت تمسك الجمر. هذه بلاد مثخنة بالجراح، فقيرة، معوزة، تتدثر بالشمس المحرقة، وترقد على التراب، وجيوشها الضئيلة تخرج من بين ضلوعها اليابسة المتصلبة نحو الآفاق البعيدة الخطرة! تقلب فلن تجد عيناك طريقاً نحو النوم، وهي ترقد على جمر، وتسخن الرمضاء جفونها... أي فخ ...هائل هذا الذي يطبق على ضلوعك الآن، حشود هائلة من الفقراء، ومصابون ومقتولون كثار من حرب الاخوة، وقبائل ضارية في أرض مجدبة، وآفاق لا تحد من الأحلام وراء هذه البراري، هناك حيث تتدفق الأنهار ويمسك المرء السحاب وهو فوق الجيل ويعصره للكروم والتفاح! تقلب وأنت تفكر في كيف تحول هذه الحشود الى حراب، قد تتغلغل في لحم بشر مساكين، أو توزع التمر على الجياع... تقلب وأنت تفكر بهؤلاء الناس الكارهين لصعودك على كرسي الخلافة، ويقولون كيف تستقبل الآن هذا الرجل الشديد الغيظ بعد الإنسان الرقيق العادل! ويحك يا عمر، أن تعجز وتخاف من هؤلاء وتوافق على أخطائهم وشرورهم، أو تظلمهم دون وجه حق! تقلب على الجمر والوقت، دون أن يطلع الصبح وترفض الشمس الصعود! صحراء فقيرة مليئة بالرمل والقمل والنار وفيها بضع جبال وعليك أن تملأها بالخير، وكل حبة قمح معدودة، وكل تمرة من النخيل محسوبة، لا أن تملأ بطنك وتترك الناس جياعاً تقلب..! وهؤلاء الفرس العظام الأقوياء، كم اندفعوا كالسيول الجارفة وسط الصحاري العربية محولين الخيام والبشر الى ركام وبقايا ورماد، يبنون القصور والقلاع على الرؤوس العربية، ويحولون مسار الأنهار نحو قصورهم وخزائنهم، وهذه الصحراء جائعة لأنهارها، وفي كل بضع سنين مجاعة تزيل غابات الخيام في لحظات، وكل بضع سنين تمضي القوافل الى الشمال ذائبة في الرمال والأنصال والمستنقعات الدموية، وفي كل بضع سنين تملأ جبال الرمل الحدائق والروافد.. وسيوف الروم تصنع سياجاً طويلاً يمنع تسلل قبيلة أو زهرة.. تقلب فأمامك مهام جسام، لا تستطيع أن تقوم بها يا ابن الخطاب، وذكريات لسعات سوط أبيك لا تزال تؤرقك..! (تعال أيها الصبح، تعالي أيتها المهام، أنا لك)".
عمر بن الخطاب شخصية حفرت في وجدان الأمة بعيداً، تناقلت قصصها كتب التاريخ، وكتب السير، والألسنة جيلاً بعد جيل.. وهي ما زالت حية، تحرك المشاعر وتحفز الخيال، كل خيال.. وعلى وجه الخصوص خيال كاتب سكنته وأضحت جزءاً منه حتى حفزته على أن يروي من وحيها تلك الرواية. تمضي أحداث الرواية بين الواقع والخيال، ليتمم الكاتب الجزء المغيب في حكاية هذا الذي كانت تهاب قريشاً سطوته، وهذا الخليفة الراشد الذي يرنو المظلوم الى عدالته. ويمضي الكاتب متلبساً بتلك الشخصية ليعيد للأذهان ملاحم البطولة والرحمة والعدالة التي ما زال استحضارها نابضاً عند الأزمات. رواية تستحث القارئ على متابعة فصولها لاكتشاف الصورة التي رسمها الروائي لعمر بن الخطاب بعقلية الحاضر.نبذة الناشر:تعتدل الأسواق حين يمر.
يتطلع الباعة إلى موازينهم جيداً، تعتدل الأسعار ويتجرأ الفقراء، ويحترم الرجال نساءهم، ويختبئ اللصوص والدجالون في أوكارهم، وتزهر غيوم العصافير على الشجر، وتتدفق كتب الأمصار بأخطاء الولاة، فيندفع رجال على خيولهم أو إبلهم لا توقفهم الصحارى والسيول والذئاب والصعاليك والأمراء، يقتحمون أبواب الإمارات العالية، وينزعون سياط الحراس، ويحررون الخدم من الأحباس، ويسحبون الولاة للمحاكم والأسواق، ويعرضونهم لصفعات الناس وكلماتهم القاسية.
يقحمون رؤوسهم في خزائنهم، يدققون في الأرقام والمعادن النفيسة والرخيصة، يأخذون الكثير وينثرونه على المساكين، ويتطلع أولئك الفقراء في أزقتهم المعتمة لهؤلاء البدو الغرباء ذوي الثياب الرثة، يحولون النقد الثمين مثل مطر مضيء رخيص ينهمر على العشش.
يرون أبواب الولاة الثمينة تهدم وتفتح دار الإمارة للمتسولين والنساء والمجلودين في الحقول والمسروقين في أهراء القمح، وتتكاثر الحشود على الولاة.
حين يظهر عمر بدرته في الأسواق والحارات، يختفي المتسولون وباعة الغش، وتمشي النساء باحترام، وترتاح حيوانات الحمل من صناديق ثقيلة وأحمال متعبة، ويوقف المتحدثون خطبهم الطويلة عن الفضيلة، ويتجه الرجال للحقول ويتركون مجالس الثرثرة، ويبعث الحطابون والمزارعون والنساء والعراة من وراء الصحارى بخطاباتهم لأمير المؤمنين ينتقدونه على عدم عنايته بهم، ويتطلع بعض الصحابة في الرسائل بغضب، في حين يدقق فيها عمر، ويسأل، ويكتب، ويرسل رجالاً مصنوعين من عظام الفضيلة والجرأة السميكة، يقتحمون مخادع الولاة النائمين ويجرجرونهم عن المحظيات، ويعرضونهم لسياط العامة، ويستبدلون بهم رجالاً آخرين من التراث، ويحملون خزائنهم ويلقونها في بيت المال، حيث حشد من العبيد والخدم السابقين يقفون حراساً غلاظاً على كل درهم. إقرأ المزيد