تاريخ النشر: 01/07/2004
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"تهيأ لي أنني رأيت أربعة من الرجال وهم يتراكضون دون خوف، بل يضحون على (شيء) تمكنوا من قتله، وحين اقتربت من الباب الثاني أوشك جلدي أن يتبرأ من جسدي وأن أرى بحر العلوم مثقوباً بالرصاص يعوم في بحيرة من الدم وقد سقط في باحة المحكمة دون أن يقترب منه ...أي طائر أو بشر سواي، وكان القاضي قد مات فوراً مع أنني لمحت ظل ابتسامة على شفتيه كمن أراد أن يقول شيئاً قبل أن يفارق الحياة... البلاد صارت ثكنات مكشوفة للقتل في أية ساعة، عمليات ذبح في وضح النهار، إبادة بلا سؤال لمن يقول (كلا) وأصنام أهل هبل تراقب أفكارك إذا ما فكرت وأشباح التقارير بالمرصاد لكل من يكفر بهم... لماذا قتلوه، من يتجرأ على قتل أشهر القضاة في بغداد؟ هل عرفوا بأنه لا يناسب أفكارهم، وأنه ليس على وفاق مع وصايا القائد ومزاجه البرغوتي الذي يتغير مع نسبة الرياح؟ هل عرفوا مثلاً أن لا صورة للماموث ولا لهتلر ولا لصدام حسين في منزله؟ ماذا تراني أقول لعصماء التي قد تصدق أي زلزال وأي دمار إلا أن يموت هذا الإنسان الذي أسرف في رعايتها؟ ماذا أفعل؟ أسماك القرش تتناسل في شعاب دجلة والفرات، الديدان تنهش جلد أيامنا وما أبقت غير بقايا بشر في طريقهم إلى مشغل الذبح، كنت أجلس قرب جثته لا أدري بأنني بكيت حتى جفت الدموع".
من عمق المأساة العراقية التي عاشها العراقيون في ظلال حكم صدام حسين وحاشيته، تتسلل تلك الرواية التي تُحدّث وبكثير من الحزن، وبالكثير من الألم عن رجل رمت به الأقدار ليعاني أشد المعاناة من قسوة وجور السلطة العراقية التي تغللت في حياته تعيث بها قهراً وظلماً، إلا أن المأساة الأشد تحلّ به عند اغتيال عمه والد زوجته، القاضي النزيه. تتسرب مشاعر الشخصية المحورية للرواية مضفية على السرديات شفافية وعمقاً إنساني يبلغ مداه عند منولوجات داخلية يفصح من خلالها الراوي عن عاطفته الدافقة لعصماء ابنة بحر العلوم التي أصبحت زوجته، إلا أن الأحداث المتسارعة التي دفع الكاتب بها، تضن على تلك الإنسانة الشفافة الرقيقة بالسعادة حيث تختتم الرواية بمشهد أخير هو مشهد موتها. إقرأ المزيد