تاريخ النشر: 01/04/2004
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:أكد وزير الخارجية الأميركي كولن باول التزام حكومته "بتحويل" وتطوير العالم العربي سياسياً واقتصادياً، استناداً إلى النموذج العراقي، وخاطب مئات المشاركين في المنتدى الاقتصادي العربي الأميركي في هذه المدينة (ديترويت) التي تعيش فيها أكبر جالية عربية في الولايات المتحدة، قائلاً: "جئت لأطلب منكم المساعدة في بناء شرق أوسط جديد، ...شرق أوسط مسالم مزدهر، شرق أوسط يكون حرّاً ونحن لا نواجه مهمة أكثر أهمية من ذلك".
ولكن خطاب باول الطويل والذي تضمن تفاصيل كثيرة عن "التقدم المدهش" في الأوضاع في العراق، والتلميح من جديد إلى أن الحكومة الأميركية لن تتدخل بقوة لتنفيذ خريطة الطريق إلا بعد قضاء رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد على "الإرهاب"، قوبل بانتقادات وتحفظات معظم المشاركين العرب وبينهم عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين، الذين قالوا أنه لم يتعاط بجدية مع اهتمامات ومخاوفات العرب المشروعة، إن كان في العراق أم في فلسطين، أم بالنسبة للإصلاح السياسي والاقتصادي في العالم العربي. وعلّق مسؤول عربي سابق على الصورة الزاهية التي رسمها باول للوضع في العراق قائلاً بسخرية "الصورة كانت زاهية لدرجة أنني فكرت بمطالبة باول باحتلال بلادنا..." كما أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ردّ بشكل غير مباشر على طروحات باول حول الإصلاح، حين أشار إلى "البرنامج الإصلاحي الطموح" وقال إن القادة السعوديين: "يرفضون بالمطلق إجراء التجارب على حياة شعبنا ورفاهيته، الإصلاح هو تلبية لتطلعات الشعب واحتياجاتهم، وليس نظرية في رأس بعض المخططين، الإصلاح هو لمصلحة المواطن من أجل أن توفر له حكومة جيدة وشفافية".
وبالإمكان إضافة نقطة هامة إلى ما ذهب إليه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن البرنامج الإصلاحي لا بد من يأتي من الداخل وليس من الخارج، وذلك لأن محاولة النظام المقترح من الولايات المتحدة الأمريكية إنما يأتي عبر استراتيجية مفروضة من خارج المنطقة العربية، وإن إضفاء بعض الخصوصيات على هذا النظام ليبدو وكأنه رغبة من أطرافه، لا تبدل من الأهداف الرئيسية له، ولا من استراتيجيته.
إن النظام الشرق الأوسطي المطروح إنما هو توصيف للمنطقة العربية والمناطق المجاورة لها، يأتي من الخارج ليجردها من هويتها الأصلية، مما يعني إغفالاً متعمداً لمكونات المنطقة الأصلية، ونسبة الإقليم إلى الغرب، بوصفه مركز مما يعني أن هذا النظام ينطوي على معنيين: الأول: هو النظر إلى المنطقة باعتبارها تابعة للغرب والثاني: هو تجنب تحديد هوية المنطقة وإنكار مكوناتها الأصلية العربية والإسلام.
وبعبارة أخرى إن النظام الشرق أوسطي يهدف إلى إقامة نظام بديل عن النظام الإقليمي العربي، وهو لهذا يهدف إلى إلغاء الهوية العربية، وتعميق التجزئة بين الدول العربية، وإيجاد روابط فيما بينها تمرّ عبر "إسرائيل". والمستفيد الدائم من هذا النظام هو "إسرائيل"، وذلك بتكريس وجودها، والتعامل معها كعضو طبيعي في نسيج المنطقة. وأما الهدف الأساسي من النظام الشرق أوسطي هو تأمين المصالح الغربية (وعلى رأسها المصالح الأميركية) وماذا بعد عن أبعاد التحركات الأمريكية السياسية والعسكرية في المنطقة العربية المتمحورة الآن في العراق؟! ومن ثم الغير عربية ولكنها تقع في بؤرة الأنظمة الغير مرضي عنها من قبل السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط؟! هذا ما يحاول الدكتور محمد عبد الرحمن عطوي الكشف عنه من خلال كتابه "الشرق الأوسط الجديد" الذي يتناول تلك القضية بعمق من خلال تحليل سياسي موضوعي يغطي الكثير من القضايا المطروحة في هذا المجال. إقرأ المزيد