باحثات - الكتاب الأول 1994 - 1995
(0)    
المرتبة: 350,329
تاريخ النشر: 01/01/1995
الناشر: تجمع الباحثات اللبنانيات
نبذة نيل وفرات:ما هي الصور التي لدينا عن الغرب؟ مثل هذا السؤال دافعاً أساسياً للتفكير في هذا الكتاب الذي هو الخامس الصادر عن تجمع الباحثات اللبنانيات إلى استخراج آراء وأفكار عدد من المفكرين والباحثين العرب، كلٌّ في مجال اهتماماته ودراساته حول الصورة التي يرسمها المثقف لهذا الآخر "الغرب" إذ أنه لا ...يمكن التغاضي عن المواقف الضمنية التي تحرك تصوراتنا نحن العرب عن الغرب وتفاعلنا معه، لذا كان لا بد من هذه الدراسات أو الاستخراجات التي تناولت تلك المواقف الضمنية مباشرة وذلك بوضعها موضوعات قائمة بذاتها، على أن تكون متنوعة وتطال زوايا مختلفة.
أما محور الدراسات هذه فقد تمّ توزيعه على حقول ثلاثة: الإنسانيات والفنون والاجتماعيات. أما معالجات هذه الحقول فقد تمّ على النحو التالي: فمثلاً في حقل الإنسانيات وفي باب الأدب منه درس إدوارد سعيد نماذج من نصوص أدبية أميركية وعربية ليبين اضطراب العلاقة بين العرب والغرب الذي يعيده إلى أفول الثقافة العربية الإسلامية الفنية والمتنوعة في الأندلس، مظهراً العداوة التي كمنت في المتخيل الشعبي الأميركي تجاه العرب وبالمقابل غياب فهم الغرب من قبل العرب، كما رصدت نهى بيومي في دراستها مقاربتين مختلفتين للغرب في الرواية العربية الراهنة، الأولى ثقافية سياسية والثانية ثقافية اجتماعية، مشيرة إلى أن الإقامة على الحدود من شأنها إلغاء الترسيمات والأفكار المسبقة. كذلك درست أسمى شبلي نصوصاً روائية فرنكوفونية مركزة على التثاقف ما بين الشرق والغرب المرتبط بالعامل الاجتماعي النفسي، والذي يستحيل حين يجري من قبل طرف واحد.
أما في باب الرحالة فدرس سعيد بن سعيد العلوي الرحلة المغربية إلى أوروبا التي يرى فيها تجلياً للوعي بالذات وميداناً لتشكله وتطوره في الوقت نفسه، فأظهر أن الصور التي استقها الرحالة عن أوروبا تأثرت بمواقفهم المسبقة الدينية أو السياسة. وفي محور الفنون مثلاً، درست جين سعيد المقدسي سينما يوسف شاهين ووجدت أنه يرجع تكراراً لموضوع العلاقة بالغرب في إطار المواجهات التاريخية والراهنة مثيراً التساؤل حول إمكانية التعاطي مع الآخر في حقول الثقافة والمعرفة، في الوقت الذي تجري محاربة تسلطه السياسي والعسكري، وفي محور الاجتماعيات، وفي باب التربية منه درس نمر فريحة صورة الغرب والغربي في الكتب المدرسية اللبنانية، ووجد أنها ليست منسجمة مع ذاتها أو مع بعضها البعض، وأنها تأثرت بالخلفية الثقافية والأيديولوجية للمؤلفين، مما جعلها مقولية ومصوغة بحكم قيمي، في باب الإعلام بينت عواطف عبد الرحمن في دراستها أن الصورة السلبية للغرب في الصحف المصرية تعكس السياسة السلبية تجاه العرب والقضايا العربية من جانب الغرب، والولايات المتحدة بالتحديد. في باب السياسي أخذت نادية كيوان الدولة الوطنية في التجربة السياسية اللبنانية، فأظهرت أن استيراد نموذج الدولة من الغرب غالباً ما تعترضه الخصوصيات النابعة من التجربة المحلية، وأشارت إلى تقاطع التقليد والحداثة في هذا النموذج.
وأخيراً في المحور الثالث، وفي باب الكتابات قدمت دلال البزري مبحثاً حول الزي النسائي العربي وتأثره بالغرب مشدّدة على استبطان نساء الشرق لقيم الغرب الجمالية مما أدى إلى غربة الأجساد عن مخيلتها. وفي باب السِّيَر، كتبت أنيسة الأمين عن الغرب بوصفه حليفاً سرّياً، متوقفة عند لحظة امتلاك اللغة الأجنبية التي تلغي الغرب كصورة أو مرجعية أو أسطورة وتحوله إلى نسق رمزي آخر.
كان تلك نماذج عن الدراسات التي ضمّها هذا الكتاب الذي رصد تمثلات الغرب في الفكر العربي. وقد اختتم الكتاب بنص للروائية حنان الشيخ يقدم حواراً ما بين شخصيتين عربية وغربية. وأخيراً يمكن القول بأن الأسئلة حول تمثلات وتفاعلات الغرب في المجتمعات العربية تبقى عديدة ومفتوحة. ولعل السؤال الأبرز هو: إلى أيّ مدى أدّت التفاعلات مع الغرب إلى تغيرات أساسية في البنى الفكرية والذهنية في المجتمعات العربية؟! على أمل أن يكون هذا الكتاب حافزاً لمزيد من الدراسات والأبحاث ولمزيد من الأسئلة. إقرأ المزيد