باحثات، الصورة وتجلياتها البصرية في الثقافة العربية
(0)    
المرتبة: 50,197
تاريخ النشر: 01/08/2005
الناشر: تجمع الباحثات اللبنانيات
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:من أهم المحفزات التي دفعت إلى تناول موضوع الصورة في هذا الكتاب هو ما أحدثته الصورة من انقلابات على مستوى المعلومة ونوعها ومصدرها منذ نهاية الألفية الثانيةن بحيث أصبحت الصورة سلطة تخترق أنسجة المجتمع العالمي.
هذه "الصورة" تتعدد دلالاتها وتتنوع استخداماتها اللغوية بتنوع أشكالها... من الصورة البصرية المتخيلة، إلى الصورة ...القولية بدلالتها المجازية، إلى الصورة المرئية الثابتة وما تحمله من تمثيلات تعبر عن الواقعي، إلى الصورة المرئية المتحركة/المشهدية حيث تنفجر أكبر صورة للمعلومات عبر شبكات النقل الكوني للصورة البصرية واللغوية، إلى الصورة الذهنية المصنوعة في المتحيل نتيجة لحصيلة ثقافية -اجتماعية-سياسية، إلى الصورة الفوتوغرافية الناتج الآلي لواقع منظور إليه عبر عدسة مرئية والخاضعة دائماً لتأويل ما، إلى العلامة الأيقونية التي كل علامة تمتلك بعض مظاهر الموضوع الذي تمثله.
إلى أنواع الصورة، أثار هذا الكتاب إشكالية تدور حول ثقافة الصورة في ظل تضافرها مع ثورة الاتصالات. فالصورة المرئية الإعلامية نقلت كل ما يحدث في العالم إلى كل بقعة من بقاع الأرض، وتخطت بذلك حدود الأوطان والقوميات. والأعراف لتترك أثرها في الإنسان أينما كان، مما أفرز ثقافة جديدة سائدة في المجتمعات عامة على اختلافها الحضاري والانتمائي. وبهذا برزت أهمية الصورة في خلق نمط جديد من التفكير يشكل إلى حد ما ثقافتنا الحالية. ثقافة أوجدتها اللغة المرئية، لغة تخاطب الحواس والشعور وتسهم في صناعة الرأي العام سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو العالمي، باعتبارها موحدة وجامعة.
لقد تشعبت تمظهرت الصورة وفعاليتها في تربية الأجيال الجديدة الغربية وحديثاً العربية التي تخلت عن ثقافة السمع والقول إلى ثقافة البصر العين بواسطة وسائل الإعلام والفنون المشهدية، البصرية، المرئية.
من هنا حمل هذا الكتاب أسئلته:
-ما هو الحيز الذي شغلته الصورة البصرية في ثقافتنا العربية؟
-ما مدى تأثير ثقافة الصورة، ومهما يكن الحيز الذي شغلته من الضيق أو من الاتساع، في مجتمعاتنا العربية؟
-هل أفرزت هذه الثقافة تناقضات تعمق الشرخ بين فئات المجتمع الواحد؟ أو بالعكس هل وحدت بين رؤى وتصورات الفئات المتنوعة والمختلفة؟
ولدت هذه الأسئلة لدينا الدافع لمقاربة منظومة الصورة بأنماطها البصرية الجديدة وتأمل بعض ملامحها التقنية ووظائفها، بوصفها شكلاً وبنية ووعياً، بهدف تلمس كيف استقبلنا هذه الثقافة وكيف تعاملنا معها، وما هو دورها في:
-توجيه أهم استراتيجيات الاتصال الإنساني.
-صياغة المشهد الثقافة والسياسي والاجتماعي والاقتصادي.
-تشكيل المعنى وفرض التذوق الجمالي.
والإشكالية الأساسية بالنسبة إلى مجتمعاتنا العربية تتمثل في موقعنا كحضارة عربية: هل نحن في موقع المتلقي الساكن للصورة المبثوثة أم نحن في موقع المتلقي المتفاعل الذي ينتج رؤيته وبصيرته الخاصة؟ وتتضح عناصر هذه الإشكالية من خلال تساؤلات تنبني على دور الصورة ووظيفتها في تشكيل وتنمية الشخصية العربية بمكوناتها الثقافية والفكرية...
حمل مؤلف هذا الكتاب هذه الأسئلة إلى الباحثين العرب من مختلف المجالات، السياسية والنفسية والاجتماعية والفنية والإنتروبولوجية والتاريخية، محاولاً أن يبلور رؤية معينة تحمل في طياتها الأجوبة المطلوبة على تساؤلاتنا، فجاءت المقالات والدراسات إما متوافقة مع محاوره وإما مضيفة إليها موسعة حقل رؤيته لموضوع الصورة.
وقد استدعت إسهامات الباحثين تصنيفها وفق المحاور التالية:
المحور الأول: الصورة في أبعادها الثقافية. يتناول هذا المحور تأثير الصورة على ثقافة المجتمع في أبعادها المتنوعة: الفنية والعمرانية والأدبية... الخ
الدراسة الأولى في هذا المحور قدمتها حنان قصاب حسن، وتمحورت حول البورتريه في الثقافة العربية.
البعد الثقافي الثاني للصورة نظرت إليه آمال المصري من خلال موضوع العمارة. فاختارت وسط بيروت ومبنى السراي الكبير نموذجاً عما يمكن للنماذج الهندسية أن تقدمه في فهم علاقة المدن بالثقافة وبالناس. ومن بيروت "المدينة المربعة" إلى بيروت الوسط التجاري بكل تغيراتها وتنوعاتها وأحيائها وأسواقها وأبنيتها التاريخية والاقتصادية، تقوم الباحثة بمقاربة موضوع العمارة ليس من ناحية هندسية فحسب وإنما من ناحية تاريخية وصولاً إلى التقاط العلاقة الشخصية بالذاكرة الجماعية.
أما كيف كان تجلي الصورة في الرواية، فاختارت كارمن بستاني أن تبحث الموضوع في دراسة بعنوان "رهان الصورة في كتابة أندريه شديد"، وقامت فيها بتحليل الترابط ما بين النص والصورة من خلال قصة لاندريه شديد "بيت دون جذور" وكيف استخدمت سلسلة صور متوازية وكأنها انعكاس مرايا.
وأخيراً تدرس إلهام كلاب صور النساء في الفن الاستشراقي فترى أن ما يندر كثيراً هو الدراسات المقارنة بين الفكر الاستشراقي والفن الاستشراقي وهي مقارنات تفسح في المجال أمام تحليل جديد يخترق الأفكار المسبقة والمكررة، ويخصب الرؤى بأبعاد جديدة.
المحور الثاني الصورة في قضايا الفكر، كيف استخدمت الصورة في قضايا الفكر المعاصر؟ هذا ما حاول المحور الثاني في الكتاب تناوله من خلال مجموعة دراسات.
الدراسة الأولى تعالج فيها هند الصوفي عساف تحولات "الصور: من الخلود إلى جمالية الزوال". فتقوم بإلقاء الضوء على انتصار الصورة وكيفية إيجاد سبل الاختراق لكل المحرمات التي عصفت بها، وكيف تمت هذه التحولات من داخل منظومتها بالذات، وكيف كان للعامل الاقتصادي الدور الأهم في مسيرتها، ويعالج البحث بشكل خاص "الصورة الفنية" ويكشف عن المحطات التي تقلبت بها عبر العصور، وعن الأزمات التي تغلبت عليها من أجل بسط سلطانها. كما يناقش الحجج التي لجأت إليها إلى أن تجاوزت الخطاب الديني في زمن العجز الذي نمر به، وإلى تحايلت في كل "نهاية" قدرت لها حتى تمكنت من أن تكون متوجة دائماً.
الدراسة الثانية قدمها عبد الله كحيل، حول مشاهد الولادة في الفن الإسلامي من المرحلة المغولية في الهند، وتتناول أربع لوحات من الفن المغولي في الهند أنتجت خلال حكم "أكبر" وابنه وخليفته "جاهانغير"، تمثل مشاهد ولادة أفراد من السلالة المغولية في الهند ومن الحكام الإلخانيين في إيران، وهي تتمثل بالفرادة من حيث إن تمثيل موضوع ولادة فرد حقيقي وخلال حياته هو موضوع نادر في الفنون البصرية الإسلامية.
الدراسة الثالثة هي بعنوان "الثقافة المرئية بين المحلية والعالمية" تتساءل فيها ماري تريز عبد المسيح عما إذا كان استخدام التكنولوجيا الحديثة في التشكيلات البصرية يوسم الثقافة المرئية بالعالمية أم تظل مرتبطة بالذاكرة المخلية؟ منطلقة من تلك التساؤلات إلى إشكاليات أكثر تعقيداً تتصل بعولمة الثقافة المرئية. وتبحث في كيفية تشييد صورة الذات إزاء الآخر بالاستعانة بمستودع الصور والتجارب الحسية المتوارثة والمكتسبة التي تشكل الثقافة المرئية، محاولة تبيان فاعلية التبادل الثقافي أو التثاقف عند إعادة تشييد الهوية المحلية عبر الثقافة المرئية، وفاعليته في ثقافة الآخر.
ويشارك في هذا المحور أيضاً حازم صاغية في مقالة بعنوان الكاميرا الديمقراطية، وهي عبارة عن نص شخصي موضوعي يتعلق بالتغيرات التي أحدثتها الكاميرا في العيش. وبتغير دور التصوير نفسه.
المحور الثالث: الصورة في الإعلام، إن الإعلام هو المجال الأساسي الذي جعل للصورة ذلك الأثر الفعال، فإضافة إلى ما تحمله الصورة بذاتها من عناصر تأثير وجذب، فإن الحقل الإعلامي استطاع تحميلها المزيد من الإمكانيات كما استطاع الاستفادة منها على النحو الأوسع. من هنا فإن محور الإعلام في الكتاب تضمن دراسات متعددة في محاولة لكشف أولويات توظيف الصورة ومجالاته.
تدريس هلا زعيم "الفيديو كليب ودوره المحتمل في تشكيل ثقافة الناشئ العربي" فتجد أن الصور التي تقدم في الفيديو كليبات العربية تتماشى إلى أقصى الحدود مع إعلام العصر.
أما الدراسة الثانية فهو حول "الصورة الشمسية الصحفية بين أنا الحدث والتلاعب في نقله" يبين مصطفى متبولي فيها، من خلال عينة من الصور الشمسية الصحفية التي نشرت في بعض الجرائد والمجلات اللبنانية والأجنبية، كيف تتم عملية نقل الأحداث بواسطتها وكيف تظهر الإيديولوجية الصحفية المضمرة في عملية اختيارها.
والدراسة الثالثة في هذا المحور يتفحص فيها عباس مزنر، من خلال دراسة الصورة السيميائية وقوتها ودلالاتها في جملة من الفلاشات والكليبات التي اعتمدها الإعلام المقاوم في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، أهمية تلك الصور التعبوية والإنشادية بالإضافة إلى صور العروض في صناعة هذه الكاريزما للشخصية القيادية.
كما ساهم عبد الله الحيدري في الكتاب من خلال دراسة موضوع الصورة والمراتب التي تحتلها في خطط تدريس مواد الإعلام بالجامعات العربية، متسائلاً حول نوعية حضور الصورة في المقررات المتصلة بالإعلام التي يتلقاها الطالب (الصحفي).
تدرس مي غصوب في هذا المحور الدعايات التجارية المتعلقة بمنتجات التجميل والجراحة التجميلية.
المحور الرابع: مراجعات كتب ودوريات، إن موضوع الصورة من المواضيع الجديدة والحارة ليس فقط في مجتمعاتنا وإنما على الصعيد الدولي.
قامت وطفاء حمادي بقراءة كتاب "مدخل إلى قضايا المرأة في سطور وصور" ورأت أن الكتاب أحال قضايا المرأة إلى صور مرسومة مرفقة بكلمات تقترح طرق التغيير التي تطال المرأة بالتساوق مع الزمن الفكري الممتد من القرن التاسع عشر حتى اليوم، واستأثرت الصورة بالمساحة الواسعة للتعبير عن هذا التساوق.
كما قامت سهاد كحيل بمراجعة كتاب "قراءة الصور" ورأت أن محررة الكتاب جوليا توماس والمشاركين في إعداد مقالاته، وهم من كبار الكتاب في الفكر الأميركي هم أشبه بعرافة في شرقنا تحاول مسح الأقنعة الزائفة والكشف عن الحقيقة. والكتاب يتطرق إلى مواضيع تهم القارئ العربي سواء من ناحية الإطلاع على الحضارة الغربية ومقارنتها مع تلك الشرقية، أو رؤية الأشياء من منظار آخر.
وساهمت فادية حطيط في هذا المحور بمراجعة المجلة الفصلية "العلوم الإنسانية" حول موضوع "عالم الصورة" استعرضت فيها المحاور والمقالات المتنوعة التي تضمنتها إضافة إلى المقابلات مع شخصيات معروفة، وخلصت إلى أن الصفحات التسعين التي حملتها مجلة العلوم الإنسانية في هذا الموضوع الاستثنائي تشير إلى مدى تعقد الموضوع المطروح وأهميته في آن.
وأخيراً قرأ حيب رمال كتاب "مهنة المحقق بالصور" لمؤلفه كوينسي روسيل. واستعرض محاولة الكتاب شرح هذا العالم غير المعروف عن الصحافي المصور، حيث إن الكثير من المصورين قد جاؤوا من قطاعات عمل مختلفة، واختاروا التحول إلى هذه المهنة الشيقة.
المحور الخامس: شهادات وسير. يستعرض هذا المحور تجارب شخصية في علاقتها بالصورة، إما إنتاجاً أو تفاعلاً، فتقدم جنان مكي خبرتها كفنانة تشكيلية في كيفية معايشتها للتصوير وعشقها للصورة وكيفية تغير هذا العشق وعلاقته بالحرب والهجرة وبالتغير على الصعيد الاجتماعي كما الفردي.
وفي مقالة ثانية تحكي ندى صحناوي حكاية اللوحة، كيف تبدأ وكيف تنمو. من فكرة، إلى أدوات، إلى تجريب، إلى إنتاج. وتظهر تلك الحكاية أن اللوحة هي تجسيد للتفاعل ما بين الرسام وموضوع الرسم، أكان الموضوع شخصاً أم مشهداً أم فكرة.
وأخيراً يكتب حسن داوود نصاً حول صورة باقية من طفولته وفيها مغنيتان تشاركان في سهرة على سطح منزل، ومن خلال التفاصيل الكثيرة يعيد داوود إحياء اللحظات الماضية، مسترجعأً الحياة الكامنة في الصورة. إقرأ المزيد