الحركة الإسلامية في السودان، مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي
(0)    
المرتبة: 20,367
تاريخ النشر: 01/07/2002
الناشر: دار الحكمة
نبذة نيل وفرات:قليلة هي الكتب والدراسات التي كتبها مفكرون إسلاميون يقوّمون فيها تجربة حركة إسلامية، وأقل منها تلك التي تكتبها الحركات عن نفسها لتتعرف على الأخطاء والعثرات، وتتوقف عند نقاط الضعف والقوة في مسيرة خالفة، استعداداً لمرحلة مقبلة. بل تميل أغلب الكتابات في هذا الصدد جماعية أو فردية، إلى السرد التاريخي ...والتهشيري، الذي يزكي الماضي ويحمل الأعداد مسؤولية معظم الأخطاء والعثرات فيه... ويبدو أن كتابات الآخرين ساهمت في استفزاز العقل الإسلامي، الذي أصبح مطالباً بتجاوز مرحلة كتابات البث والتبرير، ليصحح خطأ أورده منصف، أو تجنياً اعتمد عليه متحامل، أو ليقدم دروساً في التجارب الإسلامية المعاصرة، من دعوية امتدت وانتشرت إلى سياسية عارضت وشاركت-بل وتمكنت-إلى جهادية آثرت طريق ذات الشوكة، سواء توفرت شروطها ومبرراتها أو لم تتوفر، والكتاب الذي بين يدينا مساهمة متميزة في سد هذا الفراغ الذي أوجده غياب الكتابات العلمية، وهو يحوي على دراسة مستوعبة لتجربة إسلامية ثرية هي التجربة السودانية التي أصبحت تجربة رائدة ومثيرة: رائدة لأنها طرقت بالعمل الإسلامي ميادين كان يخافها وتخافه، ولأنها قدمت نموذجاً حياً يجمع بين أصالة التوجه والتمسك بالثوابت، والتفاعل مع جديد الابتلاءات وحاضر التحديات... ومثيرة لأنها أغضبت وأرضت وأربكت: أغضبت إسلاميين يخافون التجديد، أو يتوجسون من الإقدام والاقتحام خيفة، وعلمانيين أزعجهم أن يبروا تجربة إسلامية حديثة من حيث القيادة والتوجه وأساليب العمل. وأرضت أجيالاً من إسلاميين بدأ الخوف على المشروع واليأس من ممارسات بعض أصحابه وقادته يتسربان إلى نفوسهم وعقولهم، وأربكت بأساليبها ومنهجيتها المرنة، وتنوع طرق العمل والآداء عندها.
والأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي درس هذه التجربة، وحاول بنهجية الباحث، وعقلية الناقد، وانسيابية الأديب، أن يقدم خلاصات مفيدة عن آداء الدكتور الترابي وأخوانه في العمل التنظيمي والبناء القيادي والعمل داخل المجتمع ومع السلطة ومن أن ينسى روافد الحركة وملامحها وعلاقاتها الخارجية، هذا مع وقفه مع ما أسماه الكاتب "الثنائيات الكبرى" وهدفه ليس مدح الحركة الإسلامية في السودان، أو القدح في غيرها من الحركات الإسلامية، بل تقديم العبرة إلى شباب الصحوة، وتعميق ثقافتهم العملية، والتعريف بتجربة إسلامية رائدة، تعاضد ظلم ذوي القربى وكيد الأبعدين على طمسها، والحيولة دون أخذ العبرة منها وليحيط المؤلف بجميع جوانب موضوعه قسم دراسته إلى سبعة فصول عرض فيها ما يلي: "في الفصل الأول والذي هو بعنوان الملامح والروافد بين الخلفية الفكرية التي انطلقت منها الحركة في عملها، ومنهج الربط بين فقه المبدأ وفقه المنهج الذي اعتمدته، كما وتحدث عن الملامح العامة للحركة وخصائصها المميزة، وفي الفصل الثاني "الثنائيات الكبريوفية" شرح منهج الحركة في التعامل مع ست من الثنائيات التي تشكل معضلات فكرية وعملية أمام الحركات الإسلامية، ويتوقف على حسن التعامل معها مسار كل حركة ومآلها وهي: الشكل والمقصد، الإسرار والإعلان، الالتزام والمبادرة، الوحدة والتباين، العمق والامتداد، الفصل والوصل. وفي الفصل الثالث: البنية والهيكلية جمع بين الشرح والمخططات التوضيحية ليتحدث عن هيكلية الحركة وشعبها وفروعها، وتأثروا تأثيرها في الحركات الإسلامية الأخرى، كما وأبرز في هذا الفصل مواطن التجدد والتميز والتكيف لديها، مع مقارنته لهيكلية هذه الحركة بحركة كل من الإخوان المسلمين بمصر، الجماعة الإسلامية بباكستان، باعتبارهما أقدم تجربتين إسلاميتين في هذا المضمار، وأكثرهما تأثيراً في الحركات التالية. وفي الفصل الرابع "البناء القياديوفية" شخص آداء القصور القيادي في الحركات الإسلامية، وبين منهج الحركة السودانية في اختيار قادتها وعزلهم، وما اعتمدته من طرائق لحماية الشورى، وضمان صدق التمثيل، وشمول القيادة وفعاليتها، وضمان مراقبتها ومحاسبتها، مع التأصيل والتحليل والمقارنة. وفي الفصل الخامس تناول فلسفة الحركة في التعامل مع مجتمعها، وبين المنهج الإصلاحي الإيجابي المترفق الذي درجت عليه في هذا الشأن، وتعاملها مع مختلف القوى الاجتماعية المحلية: الأحزاب السياسية، والجيش، والطلاب، والعلماء، والصوفية، والسلفية، والنساء، والعمال، والقبائل، والمسيحيين. وفي الفصل السادس حلل منهج الحركة في علاقتها بالسلطة السياسية، والضوابط التي تحكمت في معارضاتها للسلطة وتحالفها معها، مع التركيز على تجربة التحالف مع نميري في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات، من حيث الدواعي، وأسباب النجاح، والثمرات، باعتبارها أكبر وأخطر قرار اتخذته الحركة في هذا الشأن. أما في الفصل السابع والأخير فبين رؤية الحركة لمراتب العموم والخصوص بين الحركات الإسلامية، ومنهجها في العلاقة بتلك الحركات، خصوصاً حركة الأخوان المسلمين بمصر، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بحكم ارتباطهما الفكري والتاريخي بالإسلاميين السودانيين ومكانتهما في العمل الإسلامي عالمياً. إقرأ المزيد