تاريخ النشر: 01/01/1982
الناشر: دار بيروت للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:الحياة نفسها ليست مشكلة، ولكنها تتحوّل في اللحظة التي نريد بها أن تكون كما نحبّ، أو نفضّل، إلى لغز لا نملك حله، ولا طاقة لنا كبشر على العيش معه من غير أن نحاول إيجاد حلّ له. وهذه المحاولة هي سرّ الإبداع لدى الفلاسفة والعلماء والشعراء. ولقد كانت حياة إبراهيم ...عبد الفتاح طوقان، كحياة غيره من أهل فلسطين، تجري ضمن مشكلة، هي مشكلة فلسطين، فلم يكن له يدٌ في نشوئها، ولا في تصوراتها، ولا في الحلول المتعارضة التي تضعها لها شتى الأطراف المتنازعة.
هذا الفتى-أي إبراهيم طوقان-لا يرتضي الحياة كما هي، ولا يذعن، أو هو لا يفكر في أن يذهن لإملاءات الآخرين. كان يريدها حياة عربية خالصة، أي يفعمها الإباء، ويغلفها الشرف، ويتعزّز فيها الحق، وتترقرق حولها ينابيع الأريحية والشاعرية وتفيض بالبطولات والمروءات. هكذا أراد إبراهيم طوقان أن تكون حياته، وحياة مواطنيه وأبناء أمته ولغته، ولكن الواقع شيء، والأماني شيء آخر، وفي أعماق هذه الهوّة السحيقة بين واقع إبراهيم وأمانيه النبيلة السامية، تدفقت شاعريته معيناً حاراً يمزّق أحشاء الأرض، ويفتت الصخور.
لم يصدر إبراهيم في شاعريته عن مدرسة أدبية، حتى ولا بذل أدنى جهد في التعرف إلى المدارس التي كانت شائعة في أيامه. حول الشعر ومضموناته وموضوعاته وأشكاله وقوالبه، مع أن الفترة التي لم يعرف بها اسمه (أي بين 1930-1940) كانت تعج بالأحاديث والتعليقات والمجادلات في الرمزية والرومنطيقية، والسريالية والقديم والجديد ما يتصل بهذه المباحث من شؤون ودراسات استاطيقية وفلسفية... وهكذا... أقام على بيانه العربي، وعمود الشعر العربي، وظل طيلة مراسة النظم يُعنى بلغته، وينقحها، ويفيد من الأشعار العربية القديمة ويتأثر بأساليبها، وكان أكثر ما يكون تأثراً بالموشحات الأندلسية وطرائق مزجها بين التفاعيل.
هذه هي خلاصة سيرته الذاتية. وهذا هو أسلوبه في الأدب والحياة، وليقف القارئ على مقدار أكبر من هذه السيرة عنى مؤلف هذه السلسلة "شعراؤنا" بوضع دراسته التحليلية التي بين أيدينا والتي يلخص فيها مجمل سيرة هذا الشاعر بدءاً في بيئته، فأسرته، فحياته، كآبته وسخريته، هموم مجتمعه، حياته مع المرأة، فلسفته في الحياة وأخيراً وفاته، وبعد ذلك انتقل لجمع مقتطفات متنوعة من آثاره الشرعية وأناشيده القومية التي فاق بها معظم زملائه الشعراء. إقرأ المزيد