تاريخ النشر: 01/01/1981
الناشر: دار بيروت للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:ما من شاعر في العالم كله، على سعته وامتداد تاريخه، بدا يمثل التضاد بين مظهر الإنسان وجوهره، على نحو ما مثله أحمد الصافي النجفي، بجميع جوانبه ومواقفه. هذا التضادُّ بين المظهر والجوهر لا يقتصر على الصافي كإنسان وكشاعر، وإنما ينسحب على دنيا العرب كلها خلال الأرباع الثلاثة التي مرت ...من هذا القرن، إذ يتراءى للناظر في الخارج أن هذه الأمة هزيلة تاعسة، منهزمة، لا تستحق شيئاً سوى الرثاء، حتى إذا ولج الخفايا، وغاص في الأعماق، شعر بهول الهوّة بين ما أبصر على السطح، وما يلمحه في باطن الواقع وصميم الحقيقة. وتلك بالضبط هي حال الصافي الذي عاش ثمانين حولاً، وهو يبدو شلواً، ناحلاً، بدوياً، غريباً عن عصره، وحضارة عصره، وكان في جوهر أمره من أقوى الشخصيات، وأغناها، وأحفلها، بمعاني الرجولة والكرامة، والحياة الإنسانية الثرة، وكان في جوهره ذاك ومظهره يمثل أمته، ويكشف عن حضارة خاصة، متميزة، تحتاج معرفتها على حقيقتها، إلى حقب مديدة، طويلة من الدرس، وُلد الصافي عام 1897م في النجف، وفيها انصرف إلى تعلّم الفارسية بجدّ ومثابرة، حتى تمكن من اتقانها بعد سنة كاملة، وغدا قادراً على الكتابة بها والترجمة عنها. وراح على الأثر، ينشر في مجلات إيران وصحفها كل طريف ومفيد وممتع، حول موضوعات وشؤون أدبية وتاريخية وسياسية.
وهكذا... طار صيته على أنه رائد في الدراسات العربية-الفارسية، وعلم من أعلامها، بيد أن حالته الصحية لم تسمح له بمتابعة مهنة التعليم التي انصرف إلى مزاولتها، فتركها وانصرف إلى التأليف والترجمة، حتى غدا نجماً يتألق في سماء الأدب الفارسي.
هذا هو "أحمد الصافي" الذي يتحدث عنه المؤلف "عبد اللطيف شرارة" في هذا الكتاب، محاولاً من خلال قراءته لمضمون إنتاجاته الشعرية والأدبية أن يقف على مسيرته الإبداعية الأدبية والتي أدخلته في عداد أشهر الشعراء، كما ويجمع المؤلف إلى جانب الدراسة مقتطفات من آثار الصافي الشعرية والتي جعلته موضوع إكبار معاصريه وتقديرهم... وهذه المقتطفات ما هي إلا نماذج لا تغني عن جملة إنتاجه، وتكفي بإعطاء صورة مكثفة عن علم من أعلام الشعر العربي من هذا القرن. إقرأ المزيد