المعاد الجسماني بين الفلاسفة والمتكلمين
(0)    
المرتبة: 58,715
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار العلم للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لقد احتلّ موضوع المعاد مكانة بارزة في مواضيع الفكر الفلسفي في الإسلام. وقد لا نبالغ إذا قلنا أنه أكثر المواضيع صعوبة في تاريخ الفكر الإسلامي الكلامي والفلسفي على السواء، نظراً لكثرة الآراء التي تتباين فيما بينها بشكل واضح وجلي، بحيث يصعب التوصل إلى الحقيقة وسط اختلاف الآراء وتناقضها. وعليها، ...فإن مشكلة المعاد هي من المسائل العويصة في الفلسفة. والقرآن الكريم يشير إلى عجز العقل البشري عن الخوض في مسألة الروح أو الولوج فيها. ومن هنا ذهب ابن رشد إلى أن المخطئ في هذه المسألة من العلماء معذور والمصيب مشكور. وفضلاً عن صعوبة مسألة المعاد كما ذكرها، فإن هذه المسألة تعتبر من المسائل الفلسفية المهمة، لا بل من أهم المسائل الفلسفية، إذ أنها تتعلق أساساً بفلسفة الموت. وهذه مسألة ميتافيزيقية الغزالي الذي اتخذ موقفاً نقدياً بل وهجومياً. كذلك فغن على الباحث في هذه المسألة وقبل عرضه للمنحى الفلسفي والمنحى الكلامي، عليه أن يعرض للمنحى الإسلامي العامي الذي يعتقد بالمعاد الروحاني والجسماني معاً.
هذه هي المنهجية التي اتبعها "عبدو علي قطايا" في دراسته التي بين أيدينا والتي تعتبر محاولة جادة لإلقاء الضوء على المعاد الذي يعتبر الركيزة الأساس في الإيمان، وفيه يناقش المؤلف مسائل عديدة من أفكار الفلاسفة والمتكلمين؛ ويكشف عن وهن ما طرحوا في المعاد من شكوك وشبهات، ويعرض لآراء ابن سينا من الفلاسفة، لأنه يمثل خلاصة ما ذهبوا إليه وهم أفلاطون وأرسطو والفارابي، وأراء الغزالي من المتكلمين، لأنه يمثل الاتجاه الفكري الذي وضع بذوره الأشعري وأكمله من بعده تلامذته. ومن أهم المسائل الإشكالية، التي يهتم بدراستها الفلاسفة وخاصة، إذا اعتبرناها إحدى المشكلات التي كفر بها الإمام الغزالي الفلاسفة لقولهم بالخلود الروحاني دون الجسماني.
ومن هنا، فإن البحث في هذه المسألة له ميزتان خاصتان في الفكر الإسلامي بشكل عام: ميزة الصعوبة ميزة الأهمية. وكل من يدرس هذه المسألة سيجد نفسه أمام آراء متقاربة أحياناً ومتضاربة أحياناً أخرى، ليتمكن من تحديد موقفه إزاء الآراء التي تدور حولها. فالذي يريد أن يلمَّ بمسالة المعاد ويبين معالمها، يجب أن يختار منحيين فكريين متعارضين، ليرى كيف يتحاور أصحاب هذين المنحيين. وعليه فهو يرى نفسه ملزماً ببيان منحيي الفلاسفة الإلهيين والكلاميين. وخير من يمثل الفلاسفة الإلهيين هو ابن سينا، وخير من يمثل الكلاميين هو الإمام أبو المعالي الجويني، والباقلاني وتخمّر فيه عقل الغزالي وروحه، متبيناً في الأغلب آراء مدرسة الحكمة المتعالية ورائدها صدر المتألهين الشيرازي. إقرأ المزيد