تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: دار النفائس
نبذة نيل وفرات:لم تكن سيرة السلطان سليمان القانوني إلا تاريخ الدولة العثمانية في عهده، ولم يكن هذا التاريخ إلا سيرة السلطان الذي التحمت حياته وتشابكت بحياة أمته، فكان الرجل في أمة، وكانت قصة تاريخ أمته هي حياة الأمة في رجل.
ولقد أذهلت هذه الظاهرة كتاب الغرب الصليبي، فنسبوها مرة إلى طبيعة الرجل ...التركي الذي ينقاد انقياداً أعمى لأمرائه وسلاطينه، مع العلم أن الدولة العثمانية لم تكن دولة الأتراك، وفقاً لما سيأتي عرضه، ولو أن الأتراك العثمانيين احتفظوا بشرف القيادة. كما نسبوها مرة أخرى إلى نظام الإقطاع المتماسك الذي ميز العصور الوسطى، مع العلم أيضاً أن هذا النظام كان في أوروبا أشد قسوة وأثقل وطأة مما كان عليه في أقطار العالم الإسلامي. وتجاهل أولئك عن عمد أو غير عمد ما كان للإسلام من فضل في توثيق عرى التلاحم بين الحكام والمحكومين، ولم يكن هذا التلاحم ليتحقق لو لم تجد الشعوب الإسلامية في حكامها إخلاصاً منقطع النظير للقيام بفرائض الدين، وأولها فرض الجهاد في سبيل الله، وهذا ما تؤكده تجربة التاريخ العثماني ذاته. فعندما انصرف خلفاء العثمانيين عن قيادة الجهاد في سبيل الله، وعندما أصابهم الاسترخاء فلجؤوا إلى حياة الدعة، انصرفت عنهم شعوبهم، فتألبت عليهم شعوب أعدائهم، وضعف أمر السلاطين حتى أصبحوا أشبه ما يكونوا بأسرى قصورهم، ومساجين منتدياتهم.
هكذا تبرز سيرة السلطان سليمان القانوني نموذجاً أعلى للحاكم المجاهد في سبيل الله.
وهكذا تظهر حياة السلطان سليمان صورة صادقة للرجل المسلم المؤمن، الذي يلتزم بأوامر الله ونواهيه في أمته وشعبه. ولقد ابتغى السلطان سليمان رضوان الله في أعماله، فأثابه الله عز الدنيا، وأما ما صدر عنه من أعمال قد لا تتفق وشرع الله -مثل إقدامه على قتل أبنائه- فأمره فيها إلى الله. وتبقى تجربة السلطان سليمان للناس حتى ينتفع بها الناس في حياتهم، وليست هي مجرد ذكرى قدر ما هي تجربة في جملة تجارب أهل الدنيا على الأرض، فيها من المتعة قدر ما يتوافر لها من العلم والفائدة. إقرأ المزيد