ابن طفيل - فيلسوف الإسلام في العصور الوسطى
تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:في تاريخ الفكر الفلسفي شخصيات لا يعرف المرء عن حياتها الكثير. ومن هذه الشخصيات نجد فيلسوفنا "ابن طفيل" فللأسف الشديد لم يذكر المؤرخون شيئاً له شأنه أو أهميته عن حياة هذا الفيلسوف الإسلامي الكبير. ونحن نعلم أن معرفة ماضي الفكر، سواء الأسري والثقافي والاجتماعي... كل ذلك من شأنه أن ...يساعد المدارس على تحليل آراء الفيلسوف وفهمها وتفسيرها، وتعليل ميل هذا المفكر أو ذاك إلى بعض الاتجاهات والآراء دون غيرها.
ويبدو أن "ابن طفيل" قد ولد في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، أي في القرن السادس الهجري، وقد اتصل "ابن طفيل" بالسلطة الحاكمة، كما كان الحال دائماً مع معظم المفكرين في هذه الحقبة من الزمان وفي غيرها. اتصل الرجل بالسلطة الحاكمة حيث إنه قد نال شهرة كبيرة بحسبانه طبيباً ماهراً، الأمر الذي جعله يتبوأ بعض المناصب المرموقة. ونعلم أن ابن طفيل أصبح كاتب سر إقليم غرناطة، لم أصبح كاتب سر! والي سبتة وطنجة عام 549هـ. ونعلم أنوالي سبتة هذا كان ابن عبد المؤمن مؤسس دولة الموحدين، ثم بعد ذلك، أي في عام 558هـ أصبح طبيب السلطان الموحدي أبي يعقوب يوسف.
على أن المؤرخين وإن كانوا قد أشاروا إلى بعض الأعمال الأخرى ومنها بعض الأشعار إلى ابن طفيل، إلا أنهم لم يذكروا -بالفعل- شيئاً له أهميته لفيلسوفنا هذا. فكل أعماله، إن صح وجودها التاريخي، ما زالت حتى الآن مفقودة اللهم إلا رسالته هذه. ويبدو أنه كان يفضل النظر الفلسفي والتأمل في الكون دون أن يكون حريصاً على تدوين آرائه ونظراته. ومن هنا كان إنتاجه محدوداً للغاية.
وهذا الكتاب الذي بين يدينا يعرض لأدلة ابن الطفيل على وجود الله تعالى واتصافه بصفات الكمال وبعده عن صفات النقص، وعلى الرغم من ميل "ابن طفيل" إلى القول بقدم العالم، إلا أنه يجعل من خلق الله للعالم أساس أدلته على وجود اله وحاجة العالم إلى من يوجده سواء كان قديماً أو محدثاً، وقدم أدلة متنوعة على وجود الله تعالى.
كذلك اعتمد على ما في العالم من اتساق ونظام وإحكام، على إثبات صفات الكمال لله تعالى، أن هذا العالم المحكم المتسق المنظم، لا يأتي إلا من عالم به قادر عليه مدبر له، وغير ذلك من صفات الكمال التي تليق بذاته –لكن لم يتعمق "ابن طفيل" في تفصيل الصفات، بل وقف عند حدّ إثباتها دون تفصيل لها، وهو الحدّ الذي وقف عنده الشرع، ولم يتجاوزه، كالبحث في علاقات الصفات بالذات، أو غير ذلك من المسائل التي خاض فيها المتكلمون.
كما ويعرض الكتاب لرأيه في خلود النفس، وفرق بينها وبين الجسم وهي تمثل حقيقة الإنسان، ولا يمكن أن يكون مصيرها هو كمصير الجسم، وعلى هذا فهي باقية بعد فناء الجسم، وهي بذلك أجدر بالخلود، والاتصال بواجب الوجود، وقسم العلاقة بين النفس وواجب الوجود، تبعاً لحالة النفس في حياتها الدنيا، فتنال الجزاء وفقاً لتلك الحالة- والسعادة والشقاوة ليست حسية، بل هي روحية.
إلى جانب هذا يعرض لرأيه في موضوعين آخرين هما: العلاقة بين الفلسفة والدين، ورأيه في الاتصال، وهو يتم بجهد عقلي تأملي نظري، وإن كان قد عبر عنه بتعبيرات صوفية، إلا أن المنهج ليس واحداً، فمنهج ابن طفيل يعتمد على العقل بينما منهج الصوفية يعتمد على القلب. إقرأ المزيد