تاريخ النشر: 17/04/2023
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:سمعتها تنتحب، من الأعالي وأنا في طائرة تحلق لولبياً فوق دجلة حين خروجي إلى متاهة العالم وأنا ألقي نظرة جزع على غابات النخيل الشاسعة وانحناءات دجلة، سمعت نحيبها الجارح مختلطاً بالموسيقا التي تُبت في الطائرة، سمعت نحيبها وأنا أنتقل بين المدن من شرقنا المسبيّ إلى الغرب المتماسك المحروس بصمغ القانون ...والحداثة، صمَّ النحيب مسمعي ولبث يتردد في رأسي ويضنيني.
ذات ليلة في فندق (عدن) الصغير في شارع (بلوميه) باريس 15 في غرفتي الحزينة، اكتشفت أنها ليست بلادي التي كانت تنتحب، ليست بغداد التي تبكي، كم أوهمتني غشاوة العاطفة، كان قلبي هو الذي ينشج وحيداً ويتفطر ولكنه يقاوم ليُبقي نبضه حياً، كان يؤنبني:
- ها أنت تجوبين المدن، ها أنت تترحلين بين الحروب وأنقاض الأزمنة، لم تأبهي عندما حذرتُكِ النُّذُر قبل عقد، وها أنت تكتشفين خداع كل النظريات والأيديولوجيات التي حفلت بها الكتب ومدونات الحكماء وإعلان حقوق الإنسان، تجدينها مقلوبة على قفا حقيقتها الزائفة، فأينما وجهتِ خطوكِ كان ثمة ظلم، كانت مقادير ظلم مختلف، حجم التمييز يتعاظم، قيمة الإنسان تُثمّنُ بلونه وعرقه ولغته في مدن تقدس القانون علانية وتنخرط سراً في نزعة التمييز الضاربة جذورها في ذاكرة البشر.
توقف أيها القلب المنتحب واصمد - قلب له -، لا بديل لك، كل البلاد تقوم على التمييز وتبديد كرامة الإنسان بطرق معلنة أو ناعمة مموهة، سواء في البلد المحترق المسمى وطناً أو في البلاد الأخرى، يهمس القلب منتفضاً في اعتراضه: تقولين الوطن؟. إقرأ المزيد