تاريخ النشر: 01/01/1900
الناشر: مؤسسة البلاغ
نبذة نيل وفرات:يقول المصنف في مقدمة كتابه: "... وبعد، فإن الذي هداني على تخصيص فوائد هذا الكتاب وتعليقها وجمع حُكِمهِ وتنميقها ما يتجُّج به، أبو عثمان الجاحظ عن نفسه وعدّده من المائة الحكمة الشاردة عن الأسماع الجامعة لأنواع الإنتفاع التي جمعها عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت ...بالله العجب من هذا الرجل وهو علّامة زمانه ووحيد أقرانه مع تقدمه في العلم ونسخّه ذروة الفهم وقربه من الصدر الأول وضربه في الفصل بالقدح الأفضل والقسط الأجزل كيف عشى عن البدء الخير، ورضي من الكثير باليسير، وهل ذلك إلا بعضُ من كلّ، وقلُّ من جل، ووبَلٌ من طلٌ.
وإني مع كسوف البال والقصور عن رتبة الكمال والإعتراف بالعجز عن إدراك الأفاضل من الصدور الأوائل، وقصوري عن الجري في ميدانهم، ونقص وزني عن أوزانهم، جمعت من قصير حكمه، وقليلاً من خطير كلمه، يخرس البلغاء عن مساجلته، ويَبْلسُ الحكماء عن مشاكلته، وما أنا في ذلك بَحِكَمَ الله إلا كالمحترف في البحر بكفّه، والمعترف بالتقصير وإن بالغ في وصفه؛ وكيف لا وهو عليه السلام، والشارب من الينبوع النبوي، والحاوي بين جنبيه العلم اللاهوتي؛ إذ يقول كرّم الله وجهه، وقوله الحق، وكلامه الصدق على ما أدته إلينا أئمة النقلة "أن بين جنبي لعلماً جمّاً لو أصبت له جملة" [...].
وإلى هذا، فقد عمد المؤلف إلى جميع غرر حكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، جاعلاً أسانيده محذوفة، مرتباً على حروف المعجم حروفه، جاعلاً ما توافق من أواخر حِكَمِه، وتطابق من خواتيم كَلِمهِ مسجعاً مقرناً لكونه أوقع بسماع الآذان، وأوقر في القلوب والأذهان.." لشدّة ميل النفوس إلى منظوم الكلام، وكونها عن منثوره بأبعد عوامٍ ليسهل حفظه على قاريه، ويحلو للناظر فيه والمقتبس من لآليه... مع اختزالي أكثرها خشيةً من كلفة الطول، مكتفياً بما فيه الشفاء من الكرب والعنا لذوي العقول والأدب وأسميته "غرر الحِكُمِ ودرر الحكم" [...].
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب الذي بين يدي القارئ إنما هو إكمال لكتاب الآمدي "غرر الحكم ودرر الحكم" والذي أعره في طبعته هذه "مهدي الأنصاري القمي".
وهذا غيض من فيض ما جاء من غرر الحكم المرتبة على حروف المعجم: حرف الهمزة: "الدين يُحَلّ... الدنيا تُذِلُّ... الدين يعصم... الدنيا تُسْلِم... الدنيا أَمَدٌ... الآخرة أبدٌ... العلمُ يُنْجد... الحكمة ترشد... العدل مألوف... الجَوْرُ تسُوفٌ... الصدق وسيلةٌ... العفْوُ فضيلةٌ... السخاء سجيّةٌ... الشرف مزيّةٌ... الحزمُ بضاعةٌ... التواني إضاعة... التواضع يرفع... التكبر يَضَعُ... الصدق أمانة... الكذب خيانة [...] حرف الألف: "آية البلاغَةَ قَلْبٌ عَقُولٌ ولسانٌ قائل. آفة الرعية مخالفة الطاعة... آفة العدل السلطان الجائر... آفة المطلب عَدَمُ النجاح... آفة العمل البطالة.. آفة الإيمان الشرك... آفة اليقين الشك... آفة النّعَمِ الكفران... آفة الطاعة العصيان... أفة الشَرفِ الكِبْرُ... آفة الذكاء المكرُ... آفة العباد الرياء... آفة السخاء المنّ... آفة الدِّين سوء الظن... آفة العقل الهوى... آفة المجد عوائق القضاء... آفة النفس الولَهُ بالدنيا... آفة المشاورة انتقاص الآراء [...].
حرف "الباء" بالشكر تدوم النعمة... بالتواضع تكون الرجفة... بالصمت يكثر الوقار... بحسن المُوافَقَةِ تدوم الصُّحّبَة... بالوقار تكثر الهيبة... بالحلم تكثر الأنصار... بالهدي يكثر الاستبصار... بالإحسان يُستَعّبد الإنسان... بالمنّ يكدّرُ الإحسان... بالصبر تخفّ المحنة... بالإيمان تكون النجاة [...].
حرف "التاء" تاجِرِ الله تربح... توسّل بطاعة الله تنجح... توقّ معاصي الله تَفَلحَ... تفأل بالخير تنجح - تواضع الله يَرْفَعْك... تمسَّكُ بطاعة الله يُزْلفك... تعجيل المعروف مِلاك المعروف... تضييع المعروف وَضْعُهُ في غير معروف... تأخير العمل عنوان الكسل... توكل على الله سبحانه فإنه قد تكفّل بكفاية المتوكلين عليه... تعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه، فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره، فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تِلاوته، فإنه أنفع القصص [...].
حرف الثاء: "ثمرة العلم معرفة الله... ثمرة العقل الإستقامة... ثمرة الحزم السلامة.. ثمرة العفّة الصيانة... ثمرة المرآء الشحناء... ثمرة العجب الفضاء... ثمرة الطمع الشفاء [...].
وليمض القارئ في قطاف هذه الحكم إلى النهاية... وليتم معانيها... وليفقه مبانيها... وليمثل ما بوسعه ما جاء فيه فيحصل على سعادتي الدنيا والآخرة. إقرأ المزيد