تاريخ النشر: 17/10/2017
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة الناشر:عتلى رجلٌ أنيقٌ المنصّة، لم تتعرّف روان على هويّته، لكن لا بدّ أنّه أحد الوزراء، استنفر المصوّرون، تدافعت الكاميرات التلفزيونيّة للوصول إلى الزاوية الفضلى للّقطات.
وقف أمام الميكروفون بكامل بهائه وأناقته، حيّا الأسرى المضربين وعائلاتهم والمشاركين في الإعتصام أمام خيمة التضامن، ونقل تحيّات الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والوكلاء، وإنّها لثورة حتّى ...النصر.
ثم اقترب المشهد من الذروة، جيء بكوب زجاجيّ، ووضع على المنصّة امام الوزير، أمسكه بحركة مسرحيّة، سكب الماء وقليلاً من الملح، رفع الكأس ببطء إلى فمه، وأخذ بضع رشفات، بالهنا والشفا، واشتعلت الأكفّ بالتصفيق والتهبت الحناجر بالهتافات.
كانت روان تقف إلى جانب امرأة سبعينيّة ترتدي الزيّ الفلاحيّ: ثوباً أبيض مطرّزاً على الصدر، وسروالاً ملوّناً، وتضع على رأسها غطاءً أبيض يسمّى "خرقة"...
-شو بيساوي هاظ يا خالتي؟... وجَهت المرأة السؤال إلى روان: يشرب ميّ وملح... عزا! لليش؟... تساءلت المرأة بدهشة... - تضامن يا خالتي، تعبير عن التضامن مع الأسرى المضرّبين.
هزت المرأة رأسها: وشو الفايدة؟ ما هو هسّة بيروح عبيته ومرته يتمدّ له سفرة مثل هو وهناك، ما راحت إلا علينا، يَا حبيبتي يّما، طول عمرنا حياتنا كلها ميّ وملح.
انتفضت روان لسماع العبارة الأخيرة "حياتنا كلها ميّ وملح"! هل جاءت من هذه المرأة السبعينيّة الأميّة؟ لا بدّ أنّها أمّ أحد الأسرى، ولا بدّ أنها من عائلة قرويّة مكافحة تعيش على الكفاف، ولكن ليس هذا هو الموضوع، ماذا عنّا نحن بقيّة هذا الشعب؟ أليست حياتنا كلّها "ميّ وملح" بكلّ المفاهيم وعلى جميع المستويات؟ أليست كذلك؟ فجّرنا ثورةً، وضعنا نصبّ أعيينا أهدافاً، لا أقلّ من دولة واحدةٍ علمانيّة ديمقراطيّة من النهر إلى البحر، وانتهينا بسلطة لا تملك سلطة على جزء من الجزء.
من الرواية إقرأ المزيد