تاريخ النشر: 21/09/2017
الناشر: المكتبة القانونية
نبذة نيل وفرات:اكتشفت شريعة حورابي عام 1901- 1902 في مدينة سوسة عاصمة بلاد عيلام، وعلى يد بعثة أثرية برئاسة عالم الآثار (حاك دي مورجان) وهي منقوشة على حجر الديوريت الأسود، والذي يبلغ إرتفاعه متدين وربع، ومحيط قاعدته 190م.
وترى في أعلى الحجر صورة الملك حمورابي وهو واقف وقد ضم ذراعيه إلى صدره ...دلالة على الطاعة، وهو يتلقى أدوات القياس من إله الشمس (شمش) الجالس على العرش.. وهو بوضعية الصلاة للآلهة، فقد رفع يده اليمنى وارتدى رداء الكهنة مع عمامة الرأس، وقد كانت المسلة عند إكتشافها مكسورة ثلاث قطع، وبعد لصقها تبين على أنها على شكل منشوري.
هذا وقد عُثر على نسخ أخرى من قانون حمورابي في أماكن مختلفة، وقسم منها من مكان بعيد عن بابل، وهذا يدلّ على إنتشار هذا القانون، وعلى عمق تأثيره على الشعوب المجاورة عبر مئات من السنين؛ بالإضافة إلى تطبيقه في بابل ما يقارب الخمسة عشر قرناً؛ وذلك رغم التغييرات السياسية التي تعاقبت عليها خلال هذه الفترة.
وأيضاً، تم العثور حديثاً على نسخة أخرى من شريعة حمورابي، ويبدو أنها كانت قد صدرت في تاريخ لاحق على صدور النسخة الأولى بحوالي خمس سنوات؛ مما يدل على أن حمورابي كان قد أصدر أكثر من نسخة ونشرها، والدليل ذكر أحداث في النسخة الثانية لم يأت على ذكرها في النسخة الأولى.
أما من ناحية مضمون شريعة حمورابي، فهو لم يقيم بتجميع كل القواعد العرفية والتشريعية التي كانت سائدة قبل عمده؛ بل هو عمد إلى التبديل فيها وإضافة الكثير إليها.
وعليقه، فقد تضمنت شريعة حمورابي ما يلي: 1-أهم القواعد العرفية والتشريعية التي كانت سائدة قبل عهده والتي أراد تأكيدها، وليست كل القواعد العرفية والتشريعية، 2-التعديلات التي أدخلها على بعض الأحكام العرفية والتشريعية بوصفه مصلحاً إجتماعياً، 3-الأحكام الجديدة التي وضعها لمعالجة الحالات المستجدة والمستمدة في إصلاحاته أو من الأحكام القضائية، 4-القواعد العرفية والتشريعية التي أزال غموضها، أو سدّ النقص الذي كان فيها.
هذا وقد قسم حمورابي قانونه إلى مقدمة ثم 282 مادة ثم جاءت الخاتمة، أما المقدمة فقد كُتبت بأسلوب أدبي رائع أقرب إلى الشعر منه إلى النثر، تناول فيه حمورابي الأسباب الموجبة التي دفعته إلى إصدار قانونه؛ كما تناول تمجيد الآلهة التي اختارته لنشر العدالة، أما الــ 282 مادة نُقشت على المسلة بشكل أعمدة بلغ عددها 51 عموداً باللغة البابلية والخط المسماري.
وقد تناولت المواد تلك مختلف نواحي الحياة العملية المعروفة آنذاك كالتالي: 1-جرائم الإدارة القضائية: وهي الإتهام الكاذب وشهادة الزور، وتغيير القاضي للأحكام القضائية، المواد (1- 5)، 2-الجرائم المرتكبة ضد الملكية المواد (6- 25) وتشمل السرقة، إخفاء الأموال المسروفة، سرقة دار مشتعلة - إيواء هارب، 4-أحكام التجارة: (المواد 26- 65) وتشمل واجبات الزراع، إلتزاماتهم، جرائم الري، عقد المزارعة... إلخ، 4-أحكام التجارة: المواد (88- 121) وتتضمن القرض بفائدة، الوكالة، الحانات، نقل البضائع... إلخ، 5-أحكام الزواج: المواد (127- 194)، وتتضمن جرائم التشهير والزنا، أحكام الزواج والطلاق، أموال الزوجة، ديون الزوج، والإرث، التبني... إلخ، 6-الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص: المواد (195- 214) تتضمن الإجهاض والإيذاء، 7-أحكام ذوي المهن: المواد (215- 240) تنظيم أمور الطبيب، البيطري، البناء، أجورهم مسؤولياتهم، 8-أحكام الزراعة والري: المواد (241- 273) وتعالج حالات العامل الزراعي، راعي الماشية، عقد المزارعة، أجور العمال، 9-أحكام الرقيق: المواد (278- 282) وتشمل بيع الرقيق.
أما الخاتمة فقد كتبت بأسلوب شبيه بأسلوب المواد القانونية، وهي تتضمن خطاباً موجهاً إلى الناس يحثهم فيه حمورابي على إحترام ما جاء في قانونه، لينالوا مكافأة الآلهة، والتهديد بالقصاص لمن لا يحترمه، كما تضمنت الخاتمة القوانين نفسها من حيث شرعيتها، نسبتها إلى حمورابي، لتتطرق من ثم إلى أهداف القانون وكيفية الإستفادة منه، ثم أخيراً إستنزال لعنات الآلهة على كل من يحاول تخريب القانون.
هكذا تناول المؤلف شريعة حمورابي، والقوانين المذكورة أعلاه بالإمكان إجمالها بنظم القانون العام ونظم القانون الخاص، حيث بحث كلاًّ في بابه بعد أن قام لتمهيد لهما بفصل تمهيدي يتضمن مواضيع تسهل فهم شريعة حمورابي، وقبلاً، ولإدراك خصائص وسمات أي قانون قام بدراسة هذا القانون (قانون حمورابي) بالمقارنة مع القوانين الأخرى، لا سيما القوانين المعاصرة عليه زمنياً، وحتى تلك القوانين اللاحقة له.
وبما أن حمورابي سادس ملوك سلالة بابل الأولى الذي حكم للفترة (1793- 1750ق. م.) وأصدر شريعته المشهورة في السنة الثلاثين من حكمه لذا، كان على المؤلف ولفرض فهم هذه الشريعة والإلمام بها وبخصائصها، القيام بدراسة القوانين التي سبقتها وهي قانون أورغو، ولبت، وعشتار وآشنونا، وكذلك القوانين التي جاءت بعدها كالقوانين الآشورية. إقرأ المزيد