أصول الفقه في نسيجه الجديد
(0)    
المرتبة: 349,784
تاريخ النشر: 01/01/1900
الناشر: المكتبة القانونية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:عرف علماء الأصول أصول الفقه بتعريفات متعددة تدور كلها حول محور واحد هو أن (أصول الفقه عبارة عن قواعد عامة يتوصل بها إلى إستنباط الأحكام الشرعية العملية الفرعية من أدلتها التفصيلية).
ويلاحظ على بعض من هذه التعريفات أنها خلطت بين القواعد الكلية الموجودة في الواقع التي هي أصول الفقه، وبين ...الصورة الذهنية لدى المجتهد التي هي العلم بها فعرفت أصول الفقه بالعلم بالقواعد مع أن نفس القواعد هي أصول الفقه، أما العلم بها فهو ضروري لإستخدامها حين الإجتهاد، وهم خلطوا بين العلم بالقواعد والعلم الذي يبحث فيه عن أعراضه الذاتية.
وقد أطلاق البعض: أصول الفقه وأراد به مصادر الفقه، وعليه فإن التعريف المختار هو أن: أصول الفقه عبارة عن قواعد الإجتهاد وقواعد الإستنباط التي يستعين بها المجتهد - أو القاضي - على إستخراج الأحكام الشرعية المحلية من أدلتها التفصيلية (الجزئية).
هذا وقد نشأ هذا العلم في تفكير المجتهد مع نشأة النصوص؛ لكن لم يتم تدوينه في صدر الإسلام؛ لأن الأحكام في عهد الرسالة كانت تُسْتَلقى من الوحي المباشر (القرآن الكريم)، ومن السنّة النبوية، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو المرجع لتفسير نصوص القرآن الكريم وبيان مقاصد التشريع الإلهي، وفق ما خوله به في قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (44)﴾. [سورة النحل].
وبعد ذلك تولى مهمة القضاء نخبة من فقهاء الصحابة والتابعين الذين كانوا على إلمام تام بلغة القرآن الكريم، ولهم معرفة بأسباب النزول وأسرار التشريع ومقاصده، إضافة إلى صفاء الذهن وسرعة الفهم وسلامة الفطرة وذكاء القريحة وتوفر الملكة الفقهية التي اكتسبوها من صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك كانوا في غنىً عن تدوين هذا الفن، ولكن لم يكونوا بمعزل عن تطبيق مبادئه ورعاية قواعده في قضائهم وفقههم.
ولكن، وبعد أن أخذ الناس يدخلون في دين الله تعالى أفواجاً تأثرت المصطلحات العربية بغيرها فأدى ذلك إلى فتح أبواب الجدل والخلاف والنقاش، مما اضطر علماء اللغة إلى وضع قواعد اللغة العربية صوتاً للألسنة من الخطأ في التلفظ، وعلماء الوصول إلى تقعيد قواعد أصول الفقه حفظاً للعقول من الخطأ في الإستنباط.
وكان الإمام أبو حنيفة وصاحباه (أبو يوسف ومحمد) في مقدمة السالكين في هذا المسار ولكن الإمام الشافعي يعتبر المؤسس الحقيقي لعلم أصول الفقه، فهو أول من دوّن قواعده في (الرسالة)، التي رواها عنه صاحبه الربيع المرادي...
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب "أصول الفقه في نسيجه الجديد" الذي وراء تأليفه دوافع متعددة منها أن أصول الفقه: 1-علم لا يستغنى عنه رجال الفقه والقانون والقضاء ممن يرددون تحاشي السطحية في فهم وتفسير النصوص وتكييف الوقائع وإستنباط الأحكام، 2-يتميز علم أصول الفقه بأنه علم يعصم الذهن عن الخطأ في الإستنباط، وبهذه الميزة جاوز هذا العلم حدود العالم الإسلامي ليدخل كليقات جامعات الدول المتحضرة (كجامعة هارفرد) كمادة قانونية منهجية، 3-لم تبرز مكانة هذا العلم في المؤلفات الأصولية الحديثة التي ولت إيضاح ما هو واضح من قواعده، واكتفت بمجرد نقل ما هو غامض من أصوله، 4-استحدثه الفقهاء الأصوليون في العالم الإسلامي وفي مقدمتهم فقهاء الصحابة ومن بعدهم الإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق والإمام أبو حنيفة وصاحباه والإمام الشافعي، ثم تطور بعد نشأته بالتقدم تارة وبالتأخر تارة أخرى، وأدت طبيعته الصعبة إلى أن حدث في تفسير بعض مصطلحاته خط، وفي بعض مسائله أخطاء شائعة دافع عنها السطحيون كأنها حقائق، 5-كان المصنفون للمؤلفات الأصولية القديمة فقهاءً وأصوليين، وكان لهم قصب السبق في ميدان الأصول والفروع، ولهم الصدارة في الطلوع على آفاق علوم المنطق والفلسفة والبلاغة... وغيرها من العلوم المساعدة لهذا العلم فجاء مؤلفاتهم كالألغاز في نظر أهل الثقافة.
هذا بمجمله ما شكل الدوافع لدى المؤلف لتصنيف كتابه هذا، مؤكداً أنه حاول من خلاله تسهيل وتقريب هذا العلم للأفهام، وذلك بناء على حصيلته المعرفية من دراسته للعديد من أمهات كتب أصول الفقه؛ إضافة إلى دراسة المنطق والبلاغة والفلسفة واللغة، ونتيجة لممارسته تدريس هذه المادة في المدارس الدينية والكليات القانونية منذ عام 1946 (أي زهاء 55 عاماً) مما جعله يكتسب مكنة نسبية تكفي لإخراج هذا المؤلف بنسيج جديد يتميز بالوضوح إضافة إلى إستعانته بأمثلة حديثة. إقرأ المزيد