الروض الخميل ؛ صفحات من سيرة أدبية مطولة
(0)    
المرتبة: 48,034
تاريخ النشر: 09/06/2016
الناشر: الخزائن لإحياء التراث
نبذة نيل وفرات:"الروض الجميل" ليس هو بكتاب يوميات، ولا مذكّرات، بل هو كتاب شذرات من سيرة أدبية خاصة. فكتابة اليوميات، على سبيل المثال، هي في إطارها سيرة ذاتية يومية، تتفاوت على نقل المعلومة بقوتها و ضعفها حسب المصادفات أو المفاجئات التي يضمرها الغد بالنسبة إلى اليوم. فلم تكن المدونات خاضعة لمقياس ...واحد، كما لم تكن منضمّة إلى معلومات نمطية واحدة. وعليه فإن منهج التقاط "الشذرات" أو تدوين المعلومة كما وردت في "الروض الخميل" هو نمط واحد لا يتأرجح بين الضعف والقوة، أو يخضع لنظام الجبر في الكتابة لأجل الكتابة، فلا تتداخل المعلومات المكررة أو غير النافعة أو الشخصية البحتة في جميع هذه الشذرات، حتى لتبدو كأنّها من نمط واحد، هذه من صفاتها المميزة لها. كما ليست شذرات "الروض الخميل" داخلة في كتابة أدب "المذكرات" حيث يعمد كتّاب المذكّرات على تدوين الأحداث بشكل متسلسل بعد عملية شاقّة تستحضرها الذاكرة لاستنطاق الماضي أو استذكاره، ثم الكتابة عنه... وإنما هذا الروض الخميل هو كتاب جمع في إطاره العام، العديد من الرسائل والخواطر والمنقولات ونماذج مختلفة من النصوص الأدبية.. المخطوطة النادرة.
فبالرغم من أن أغلب كتّاب السيرة يعتنون بتجلية صورهم الذاتية واظهارها ناصعة فإن نمط المعلومة في ثنايا هذا "الروض" تتعدى ذات كاتبها إلى العصر الذي يعيش فيه، وربما إلى العصر الذي لم يعش فيه أيضاً. هي رحلة الكاتب عبر الزمان والمكان.. رحلة خارجة عن إرادته، حيث يجد كل واحد في رحلة كهذه.. يجد نفسه دون أن يلتفت وقد قطع عقود حياته، وهو لا يدري كيف قطعها، أو كيف أمضى زمنه غارقاً في مدخلها دون وعي، ولا تأمل.
ينتقل الكاتب في روضته هذه من سنة إلى أخرى ومن عقد إلى عقد.. ومن مقتطفات أدبية إلى أخرى.. وإن من ميزات هذه الرياض الخميلة أن أغلب ماورد بها من شعر ونثر وأخبار وطرائف ومنقولات هي نصوص مبتكرة في معاصرتها... لأنها نابعة من صميم الرحلة. جمع الكاتب في أغلب هذه المدونات ما تناثر من منسي الأخبار والأشعار، أو ما استجدّ من المجالس الأدبية التي كان هو وأصحابه يستحدثونها على سبيل الارتجال.. إضافة إلى ذلك مجموعة من نصوص وقع اختياره عليها وذلك بدافع التفرّد بالنص المجهول الذي لم تلتقطه أيدي الكتّاب سواء أكان نصّاً شعرياً أم معلومة تاريخية أو وثيقة نادرة.
وأيضاً وإنّ من ميزة "الروض الخميل" أنّه لم يسجّل المجالس الأدبية والشعرية فحسب؛ بل عمد مؤلفه إلى تسجيل الأحاديث الخاصة وخلجات أصحابها في أحايين كثيرة مما لا يُدرك مغزاها حتى من دُوِّنت المعلومة بسببه. ومن ناحية أخرى، فإن "الروض الخميل" كتاب يعتمد في منهجه على التسلسل الزمني للحكاية أو الرواية أو المعلومة الأدبية. ففي أغلب الأحيان لا تخلو الشذرات من تسجيل زمنها، باليوم والشهر والسنة، مما يساعد على إفراز المعلومات ووضعها في مكانها في التسلسل حتى وإن وضعت في خارج مرحلتها الزمنية في أجزاء أخرى، لكن في الوقت نفسه ابتعد المؤلف في كتابه هذا عن طريقة التبويب أو الترتيب الموضوعي، وماشابه ذلك؛ لأنه لم يدخل بإيراد ملفات كبيرة، أو مواضيع مُستوعبة؛ وإنما كان يعتمد على إيراد المعلومة الجاهزة سواءً كانت شعراً أم حكاية أو نادرة أدبية، والتي عادة ما تندرج بأسطر تستوفي بها المقام، دون أن تحتاج إلى شيء من الأطناب والتطويل.. فهو والحال هذه كتاب ينقل صاحبه من معلومة إلى أخرى وليس من فصل إلى آخر أو موضوع إلى موضوع، وفي مثل هذا النمط من التأليف تتحرك المشاعر، وتُقبل النفوس، خصوصاً في زمن البحث عن المتع الروحية الموجودة بلطائف الطرائف، والنوادر من الأشعار والأخبار. إقرأ المزيد