تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: خاص-جودت القزويني
نبذة نيل وفرات:قالوا للشاعر الذي لا يَكِلُ معنى من المعاني في شطر إلى شطر أو في بيت إلى بيت: إنَّهُ لا يخلي، أي لا يخلي أبياته من المعاني التي تتدفق وتزداد كُلَّما مضى في قوله ومدَّ في خُطاه، وحكمَ عليَّ هذا المدح الذي عرفتُهُ أنْ أتابعَ أبيات القزويني ومعانيه فأعجبني أنَّهُ ...لا يخلى.
وأكثرُ ما قرأتُ في أبياته الرثاء، وفيه العاطفة التي تسيلُ وفاءً، وليستْ فيه صنعةُ القول ولا تكلفه بل ولا كذبه، لأنَّهُ في قصائد رثائه يرثي أباه.
يبدو أنَّهُ كانَ مُتعلقاً به أشدَّ التعلق، فقد كررَ القول فيه، وتمنَّى أنَّ لم يكن فارقه، وودَّ لو اجتمع به، بل لو فداه، وهي عاطفة الإبن البار للأب العاطف، كادتْ تكونُ كلماتُهُ كُلُّها لهيبَ حُزِن، وسُحُبَ بكاء.
وَلَشدَّما وددتُ إنْ هو دفعَ بها إلى المطبعة أنْ يخليها من غيرها من غزل أو غيره، ويقدمها كباقة من نفحات ورد تنفح في ذكرى أبيه.
أمَّا شعرُهُ في الغزل، ومن بينه قصيدته "ليالي الصبا"، فهي شعلة متأججة، قد ألقى نفسَهُ فيها، وتصاعدت آهاتُهُ ولوعاته، وقد عزمتُ على أنْ لا أُلقي إليه بيد الغوث لعلَّه إنْ خرج من نارها تابَ وأناب بعد الهوان والعذاب.
وقد رأيتُهُ يلزم عمود الشعر القديم، ورنين قافيته المُدَّوي، غير أنَّهُ في بعض قصائده، أو قصيدة واحدة حاول أنْ يجري في طريق الموشحات مصطنعاً بدعة جديدة وهي الخروج إلى قافية جديدة في بحر قصير بعد أبيات كثيرة في بحر طويل، ولعلّها أيضاً من مبتكرات العصر، وتغييرات الدهر.
وأودُ أنْ لا أدعَ هذا التقديم قبل أنْ أُنَّبه إلى ما أثارَ عجبي وهو تسميتُهُ هذه القصائد، أو هذا الديوان "بقصائد الزمن القديم"، وهو لم يزلْ بَعدُ في باكورة الشباب، ومهما يكنْ قد قال الشعر من قبل فإنَّ عهدَهُ بهذا البدء لم يَصِرْ قديماً، فأودُ أنْ لو كان سمَّاهُ "قصائد الآن"، أو "في باكورة الزمان".
وأملي أنْ لا يفتر هذا القلم عن التدوين، وأنْ لا تُمسكُ هذه القريحة عن الأدلاء، وأن لا يهدأ هذا القلب عن النبض لتدوم هذه الأنغام الحلوة في الآذان، وتستمر نشوة السماع لهذه الألحان. إقرأ المزيد