تاريخ النشر: 01/01/2021
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:لو دققنا النظر فيما أبدعه العقل البشري من روائع أدبية خالدة، منذ الزمن القديم وحتى الحاضر، لوجدناها ليست بالكثيرة، وإن العباقرة الذين أبدعوا تلك الروائع ليسوا بالجمهرة الغفيرة، بل يكاد أن يكون عددهم محدوداً وحصرهم ممكناً جداً. ويكاد أديب الأرض الروسية-ليف تولستوي، بحثته الضخمة وتقاطيع وجهة الصارمة ولحيته البيضاء ...الكثة ينتصب شامخاً وسط تلك المجموعة من عمالقة الفن والأدب العالمي بما قدمه من أعمال فنية متميزة ونتاجات أدبية رائعة تضمنتها مجموعة مؤلفاته الكاملة في تسعين مجلداً ضخماً.
هناك العديد من الأدباء الذين كتبوا أعمالاً أدبية وانتهوا بمجرد انتقالهم إلى الحياة الأخرى، أو حتى قبل ذلك واستحالت كتبهم إلى مجرد زينة في المكتبات الخاصة، لا تقرأ إلا لماماً لا يتذكرهم النقد إلا في القليل النادر. ليق تولستوي ليس من هذه الفئة، بل يكاد أن يكون على رأس الفئة التي لا تستطيع النقد العالمي أن ينساها مطلقاُ، ونجد اسمه يتردد بشك مستمر وبكل لغات العالم تقريباً على اختلافها. ونرى أعماله تناقش من قبل كل نقاد العالم، بغض النظر عن منطلقاتهم الفكرية ومواقعهم الطبقية ومواقفهم المبدئية ومشاربهم الفنية.
ما هو السر الذي يجعل هذه الكثرة من أدباء ونقاد العالم، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تردد اسم تولستوي باستمرار؟ ما هو السبب الذي يدفع بدور النشر والصحافة العالمية إلى تكرار الحديث عنه فنادراُ ما يمر يوم دون ينشر كتاب أو بحث أو مقالة أو ترجمة أو عليه أو عنه؟ ما هو الدافع الذي يدفع القارئ في كل أرجاء المعمورة إلى الإقبال على قراءة تولتسوي والاهتمام بما يكتب عنه.
إن السر واضح والأسباب والدوافع معروفة. فما من أديب إلا ويجد عند تولستوي المعين الفني الذي يستقي منه، وما من ناقد إلا ويعثر في تولستوي على المادة الغزيرة التي يعالجها، وما من قارئ إلا ويرى في تولستوي كلا أو بعضاً من روحه وأفكاره وأحاسيسه. لقد نشرت العديد من الدراسات عن تولستوي وتناولته الكثير من الأبحاث والكتب ومع كل ذلك فلا يزال الحوار عنه ساخناً والجدل حوله حاداً، ولا تزال هناك بعض من جوانب أدبه الغزير غير مكتشفة لذا جاء هذا البحث الذي لا يطمح إلا لتسليط بعض الضوء على البعض من جوانب حياته ونتاجاته.نبذة الناشر:كان تولستوي ينتسب إلى أسرةٍ من النبلاء الروس، وقد ولد بالقرب من موسكو عام 1828، توفيت أمّه وهو في الثانية من عمره، وتوفّي أبوه وهو في التاسعة، ثمّ انتقل إلى كازان ليمضي بقيّة طفولته فيها، والتحق بجامعتها ليدرس اللغتين العربيّة والتركيّة، إذ كان يريد أن يصبح دبلوماسياً في المنطقة العربيّة التي كان مهتماً بآدابها.
لكنّه تحوّل لدراسة القانون، ثمّ ما لبث أن ترك الجامعة ليتفرّغ لإدارة إِقطاعيّة ياسنايا الضخمة الّتي ورثها عن عائلته، وبعد عامين انتقل إلى موسكو، ثمّ إلى سان بطرسبورغ، ثمّ إلى القوقاز الّتي أغرم بمشهد جبالها الفاتنة.
لقد أضمر تولستوي إحتراماً خاصاً للثقافة العربيّة، وكان مغرماً بقصص ألف ليلة وليلة منذ طفولته، وظهر تأثيرها على أدبه لاحقاً، خاصّةً في روايته لحن كريستو.
كانت آخر ثلاثين سنة من عمره الطويل مليئة بالقلق، واصطدمت مثله العليا بتقاليد أسرته، وأخيراً قرّر الهرب من البيت والأسرة والتقاليد حياة الترف، ومات بسبب البرد في محطة قطارٍ في قرية استابو، أواخر عام 1910. إقرأ المزيد