تاريخ النشر: 13/07/2015
الناشر: مؤسسة البلاغ
نبذة نيل وفرات:العقل هو أعظم هبة، أنعم بها الخالق الصنّاع على الإنسان فامتاز به عن سائر مخلوقاته... وكان به أفضلها إن هو سلّم له المِقْوَد، وإنصاع لما يمليه من: توجيه، وإرشاد، يصدران عن فطرته، دون أن تُشاب بدَرَنٍ، ولا بدّ حينئذٍ أن يكون هو المقياس والميزان، وأن تترتب عليه مسؤولية التكليف، ...والإنقياد لرسالات السماء، وأوامر المبدع الخلاّق.
ومن هنا، نجد الأثر القدسي، الذي يخاطب الله عزّ وجلّ فيه العقل - المخلوق الأول - بعد أن وجّه إليه الأمر بالإدبار والإقبال، فامتثل أمره سبحانه: (بك أثيب، وبك أعاقب)؛ فالتكليف - في كل مرحلة - منوط به، حيث أنه متى افتقد إنسانٌ هذه الهبة الإلهية، سقط عنه التكليف... وذلك ما تحكم به عدالة الخالق العظيم.
وإذا كانت هذه الأحكام، لا تؤخذ إلا من طريق التشريع الرسالي، وينحصر فيها المأخذ؛ إمّا من المبلّغ الهادي صلى الله عليه وسلم، أو من القائم مقامه... فإن هناك ما هو أهم من هذه الأحكام، حيث تكون المدماك، في صرح العقيدة، فهي لها الأصل، وهذه الأحكام لا تعدو الفروع.
فهذه الأصول قد انيطت بالعقل، حيث يكون هو المعيار لها، ووجوب الإعتقاد بها، فأي فرد في أية مرحلة، من مراحل العمر - حتى في باكر الطفولة - كان له إدراكٌ لها، عن طريق العقل، وَجَبَ الإعتقاد بها، وخضع مؤلها للحساب الأخروي، بمقدار ذلك الإدراك، حتى لو كان إدراكاً جزئياً، لم يبلغ مرحلته المتكاملة... فبحسب ما يهتدي له هذا العقل القائد - يجب الإعتقاد بهذا الذي أُدْرِكْ...!.
وهي - إلى ذلك - أنيطت بالعقل: منبعاً للإعتقاد بها، حيث لا يكون هذا الإعتقاد، عن غير طريق العقل؛ فهو السبيل للوصول إليها؛ دون أن يكون للمصادر الأخرى - كالتشريع، أو التقليد للغير- طريقية لها، إلا بمقدارٍ، لا يعدو أن يكون مشيراً، ورافداً ثانوياً، يدلّه على الطريق؛ ليسلكه العقل وحده؛ أو مؤكداً له، بعد هذه المرحلة، من: البحث والتفكر...
ومن هنا، نجد القرآن الكريم قد ركّز على تمجيد العقل، وحثّ على التفكّر في الكون، ليجوب العقل في وسيع رحابه، وعجيب خلقته وموجوداته، فالأصول وهو ما سيعرض لها المؤلف من كتابه هذا، يجب أن يخضع الإعتقاد بها إلى العقل؛ فهو السبيل الأول إلى معرفتها والركون إليها، ولا يكون الإستدلال على ثبوتها، وصحتها، إلا عن طريقه...
إلا أن يستعين بغيره بعض الإستعانة، التي تدفع به نحو الخطوة الأولى؛ ليفتح به البداية من الطريق الذي يسلك أو يكون مركّزاً ومعتمداً لتلك الحصيلة الأولى، عن طريق العقل؛ والإعتقاد بما يهدي إليه العقل، من هذه الأصول، لا يخضع لمرحلة زمنية، وعلى خلاف الفروع، بل يجب الإعتقاد بما يهتدي إليه، عن طريق العقل، في أية مرحلة من مراحل العمر، حتى في باكر الطفولة وبمقدار ذلك الإدراك الجزئي المتدرج.
وعلى ذلك كله... فإن العقل هو الهادي الذي يأخذ بيد الإنسان ليجنّبه مزالق الطرق... وأما الأصول التي يجب الإعتقاد بها عن طريق العقل فهي خمسة... وقد وسمها المؤلف بالمداميك وهي: 1-التوحيد، 2-العدالة، 3-النبوة، 4-الإمامة، 5-البعث، وقد جاء الحديث عن كل واحدٍ من هذه المداميك بهذا التسلسل ضمن هذا المؤلف بأجزائه الخمسة، جاءت الأجزاء بعناوينها على النحو التالي: الحلقة (1-2) التوحيد والعدل، الحلقة (3) النبوة، الحلقة (4) الإمامة الحلقة (5) البعث والمعاد. إقرأ المزيد