الإنكليز كما عرفتهم ؛ مطالعات ومشاهدات عن المجتمع البريطاني
(0)    
المرتبة: 59,317
تاريخ النشر: 30/03/2015
الناشر: منشورات العباس
نبذة نيل وفرات:"الشعب البريطاني شعب غريب في أطواره فريد بصفاته، فلو سئلت أن أَضيف أعجوبة ثامنة إلى عجائب الدنيا السبع ما ترددت في اختيار هذا الشعب، لا لأن الفرد الانجليزي يتصف بصفات جسمية خاصة أو يمتاز بخواص ذهنية فوّقته على سائر أبناء الشعوب؛ بل لأن هؤلاء القوم الذين انزووا في تلك ...الجزر قد كونوا شعباً أقل ما يقال فيه أنه يدعو إلى الحيرة والاستغراب. لا أعرف شعباً من شعوب العالم اهتم به الأجانب ودرسوا أحواله من نواحٍ متعددة وألفوا فيه الكتب الكثير كالشعب الانكليزي وبلاده. وقد يكون السبب أن هذه الجزر وسكانها تستهوي الباحث والمدقق فيكب على البحث والتدقيق لعله يتمكن من فهم حقيقة هؤلاء القوم.. فهل يتيسر لكل باحث أو مدقق أن يتوصل إلى نتائجه عنهم بسهولة، فالجواب على ذلك بالسلب إذ كلما مكث المرء في بلاد الانكليز يوماً أكثر انفتحت له أمور جديدة وتوصل إلى حقائق لم يدركها من قبل.. وسبب ذلك أن الانكليزي بطبيعته لا يريد أن يكشف النقاب عن نفسيته وعقليته بسهولة كما هو حال أبناء شعوب القارة الأوروبية وخاصة الفرنسيين. ولذا فإن الطريقة الوحيدة التي تمكن الأجنبي من الوصول إلى قرارة نفس الشعب الانكليزي ودراسة ذهنية هي الانخراط في سلكهم انخراطاً تاما والمعيشة بين ظهرانيهم واظهار الود لهم والعطف عليهم. بهذه الوسيلة وبهذه الوسيلة وحدها، يضاف إليها استعمال أدق الطرق الدبلوماسيه، يتمكن الأجنبي من الوصو إلى بعض النتائج عن هذا القوم. لأن الانكليزي بطبيعته لا يحب الكلام ويمقت الهزر والثرثرة مقتاً عظيماً والحقيقة أنه يعتقد أن اللهو صفة غريبة عنه ولو أن المتبصر بصادف بين حين وآخر بين الانكليز وخاصة بين عجائزهم من لا يطاقون لكثرة هذيانهم، والشاذ لا يقاس عليه.. عندما يصل الأجنبي بلاد الانكليز يشعر لأول وهلة كأنه في التيه.. وذلك ليس لأن المدينة الانكليزية لا تسحره ولا لأن ليس في انكلترة، وأخصّ بالذكر لندن، ما يستهويه، ففي انكلترة كل شيء ولكنه ليس من السهل على الأجنبي أن يرى كل شيء في انكلترة. إنما الطبيعة الانكليزية هي التي تجعل الغريب بشعر بغربته في تلك البلاد، فالإنكليزي محافظ بطبيعته يعشق العزلة ويميل إلى الهدوء الفكري، وهذه الصفات هي التي جعلت الانكليز وبلادهم في نظر أغلب الأجانب شعباً وبلاداً لا ورح فيها ولا حياة. فما يعتاده الأجنبي وهو في أقطار أوروبا الأخرى كفرنسا وألمانيا والنمسا أو هنغاريا مثلاً من روح المرح والانغماس في حياة اللهو لا يراها في انكترة وهو في أوائل عهده فيها. وعليه حينئذٍ إما أن يماشي القوم فيعيش كما يعيشون، وإما أن يحمل حقائبه ويعود من حيث أتى. يمكنك أن ترى وأنت في أول عهدك بهم كثيراً من الأشياء بسهولة ولكن الشيء الوحيد الذي لا يمكنك أن تحصل عليه بكل تلك السهولة هو التوغل في قرار الحياة الانكليزية.. إن بلاد الانكليز، فيما أرى، أكثر بلاد الله تأدباً، وأنت تلاحظ هذه الظاهرة في كل ناحية من نواحي الحياة العامّة وتشعر بها حالما تطأ قدماك سواحل الجزر البريطانية فإن المعاملة التي يلقاها الزائرون للأجانب في دوائر الجمارك والإقامة ومحاطات القطار، ومراكز الشرطة وغير ذلك هي معاملة فريدة حقاً ويظهر الفرق بأجلى مظاهره عند المقارنة بين ما يلاقيه المسافر في انكلترة وما يلاقيه في غيرها من البلدان الأجنبية والشرقية.." وهكذا يتابع المؤلف مطالعاته ومشاهداته عن المجتمع البريطاني. هذه المشاهدات والمطالعات مرّ عليها روح من الزمن ولكنها ما تزال في الكثير منها حيّة، فللشعب الانكليزي وكما أسلف المؤلف، ميزته في الحفاظ على العادات والتقاليد وذلك الآتيكيت الذي تميز به عن غيره من الشعوب الأوروبية. والكتاب إلى هذا يمثل سلسلة إفلاحات ثقافية يرنو إلى معرفتها كل عربي ليقف على الشعب الإنكليزي عن كتب، في بلاده وفي خارجها، وقد يرى المؤلف في تحليل الكثير من النواحي الخلقية والنفسيّة لشعب حار العلماء في تعليل سرّ تقدّمه ونبوغه، وقد اتّسمت آراء المؤلف بالصراحة تعدت نطاق البحث العلمي، وإن مصادره ومراجعاته لأمهات الكتب المنتشرة بلغات مختلفة والتي يدور البحث فيها حول الشعب الانكليزي أكسبته ملكة وقوة جعلتاه أكثر جزماً من غيره عند إبدائه رأياً في خواص هذا الشعب ومؤهلاته. هذا وقد جاء الكتاب ضمن فصول أربعة جاءت مواضيعها على النحو التالي: 1- الرجل الانكليزي. 2- المرآة الانكليزية. 3- حياتهم السياسية. 4- حياتهم الاجتماعية. إقرأ المزيد