ذاكرة المستقبل (مقابسات الشارقة)
(0)    
المرتبة: 134,077
تاريخ النشر: 29/03/2011
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر،
نبذة نيل وفرات:"كم يبدو الطريق أليفاً، وأنيساً، ومبهجاً للعواطف والذكريات، بين الشارقة وأبو ظبي: تقود سيارتك الخاصة؛ أو تكتري حافة صغيرة، أو تدس جسدك بين ناس من أجناس شتى، وجنسيات شتى، فيكاد الرمل يكلمك، والشجر يخاطبك، والبشر يساررك، والسماء تعانيك! إنه طريق معبد، وكان في يوم مضى من رمله الرمل، فلا ...أول له ولا آخر، ولا بداية ولا نهاية.
تكاد تضيع بين جنباته، لأن الرمل رمل، شمالاً وجنوباً، وهو كذلك شرقاً وغرباً، والطريق هو الناس، والفكر، والعمل، والعالم، والفن، والأدب، الطريق الحياة؛ وعلى هذا الطريق، بين الشارك وأبو ظبي، مروراً بدبي، استيقظ القلب من غفوته ذات يوم، وهاجت الذكرى، فحضر أبو الطيب، والعراق، وغار حراء، وبلاط الشهداء، وجبال ألأوراس، وبوابة الأطلسي، والكنعانيون، وجبل عامل، وسهل نينوى، وعدن والبحرين؟، ومستنقعات ميسان والسماء، نعم السماء، ذات فجر، والشمس مختفية وفجلى من نور العلي القدير.
وعلى هذه الطريق بين الشارقة وأبو ظبي، رأيت الأرض ترتفع نحو السماء، وأحسست بالسماء تقترب من الأرض، فاصطكت أسناني، وتجمدت قدماي، وسمعت هاتفاً ينادي: "من محبوبٌ غيري، أيها الغالي؟"؛ وما كاد صوت الهاتف يسيل مع إمتداد حرف "الياء" الأخير، حتى نشت السماء بسبابني اليمنى، ووقَدْتُ كعب قدمي اليسرى بالأرض وقلت: "لا محبوب إلا أنت تقدست أسماؤك؛ وتعالى اسمك، وعلا جلالك، وارتفع مقامك"...، ثم توقف كلامي... صار لساني جمرة باردة جداً، وصار جسدي كله جنة من نور، لأن صوت الهاتف غمرني بكاملي، وهو يقول: "اقترب"... اقترب"... قال الهاتف: "ثم أقرأ"... قرأت "الحمد لله رب العالمين"، ومع إمتداء حرف "النون" امتدت السماء نحو الأعلى، ونزلت الأرض إلى الأسفل، فرأيت في هذا الأوقيانوس من النور، شبحاً كلي البياض، يقود سفينة تجرها ستة أحصنة، يومي إليّ قائلاً: "اتبعني، لترى القمة"، تبعته... واتبعته، ذلك الشيخ الأبيض، وهو يقود سفينة العرب، سفينة الفكر والأدب والفن، قال: "ماذا ترى فيّ": عربي وقال: وماذا أيضاً؟... عربي مسلم، كناية عن أشواق الأرض إلى السماء والملكوت". كما في مقالته هذا، كذا في باقي مقالاته…
شفافية رائعة على الرغم من إختلاف المواضيع والسياقات، يتنقل الكاتب خلالها في رحاب الفكر من زهرة إلى زهرة، وفي رحاب التأمل من خاطرة إلى خاطرة... ولن تألوا المواضيع في السياسة والإجتماع والتاريخ وعلم النفس وووجهداً في أن تجد لها محلاً في ذاكرته هذه... "ذاكرة المستقبل بل الماضي والحاضر" معبراً عن ذلك كله بأسلوب موضوعي رصين لم يخل من إبداع لغوي... تارة في العبارات... وأخرى في المعاني وتارات في المضامين التي جاءت سردياتها بلغة شفافة لا تكلف فيها... فكانت ذالك السهل الممتنع في إصطفافاتها... مثالات، وعندما تقرأها تمضي معها... وفيها وإليها، تمضي معها متابعاً وفيها متأثراً وإليها مستأنساً... إقرأ المزيد