تاريخ النشر: 04/01/2011
الناشر: دار الآداب
نبذة نيل وفرات:يتحدث المسرحي والناقد والكاتب عبدو باشا عن تجربته المسرحية النثرية موجه خاص وعن تجربة المسرح اللبناني بصورة عامة فيقول بأن ثمة علاقة أكيدة بين مفهوم الموروث الثقافي وبين مفهوم الغفلة كما صاغه التوحيدي، أي أن الغفلة عنده لا تعني العدم المعرفي المحض، بل هي تعني الحضور المعرفي إزاء الموضوع. ...
لن يستتر هذا في المفاهيم المنطوية على الشبهة والضلالة والمخايلة، تلك هي حال عبيدو باشا ومسألته في معياره الكتاب، لا يجب هذا المسرحي الإستتار... أو التمجيد... أو الوقوع في المفاهيم المتحفية... هذا واضح إلى أبعد الحدود... فهو إلى هذا لا يقبل أن تحتجب المواضيع بمظاهرها الخارجية المموهه... هذا ذا ميدانه... وتلك هي مضامينه وخفاياه... ودفائنه.
تلك هي منهجيته في نصوصه إبتداء من عجلة "بيت النار" إلى "موت مدير مسرح" تلك الفترة الممتدة... أو ذلك الزمن الضائع في المسرح اللبناني حيث ظن الكثيرون أن تجربة المسرح اضمحلت في الحرب الأهلية اللبنانية، في حين يرى عبيدو باشا بأن تلك الحرب خصبت كل أشكال التعبير في حضور، وهي امتدّ من رغبة الناس بالحياة في نزعة سيطرت على النص الإبداعي بلا حدود وبقوانين اخترعها المهدَّوون بالموت الميادم في حيراتهم العابرة السريعة، أو المتحسّرة على بطء الأيام.
إلا أنه في النهاية إنحاز إلى كل ما لا يستسلم إلى الطبائع المادية وإلى كل ما لا يخضع خضوعاً مطلقاً إلى هيمنة الجسد... كتب عبيدو باشا تجربة الأغنية السياسية بالألم واللذة... كتب بقوانين الضرورة غير المقيدة... كتب بدوافع التغيير وإحتمالات الزوال والعدم... مثل ذلك صدمة لدى الكثير من... وحين كتب أن الأغنية السياسية (بتميزها) هي نتاج لقاء تاريخي بين مشروعين: مشروع الحركة الوطنية اللبنانية الإصلاحي ومجموعة من الشبان بحضورهم المنطوي على العلوّ والخلود والحرية.
وفي مسرحيته "أقول يا سادة" كتب عبيدو باشا بزوغ فجر الوعي الجديد بتمديدات ذاتية وجماعية، وعبّر عن قرارات إرادية حرة لأفراد متميزين وشرائح إجتماعية حولت لحظات الإنزلاق داخل ملكوت العمى والسقوط في الظلمة إلى لحظات هوى هائل بلا أفخاخ حيال الشهوة، هكذا سلك في عمله "هكذا" هو لم يبع المرحلة إلى ضرورات الصنعة، ولا إلى إجتماع الأجسام المسرحية الكثيفة في جواهر المسرح الشريفة.
كسر عبيدو في عمله "هكذا" حصار البروباغندا السائدة في قبضة إشاعة نسجت أوهام اللبنانيين الخاصة بتلك المرحلة، مرحلة أواخر الخمسينيات والستينيات وصولاً إلى منتصف السبعينيات، هناك، وكما رأى، فوّت اللبنانيون الدنيا في صالح الآخرة، حيث خدعتهم شهوات المملكة المستحدثة... بذا اختزلوا مرحلة التجربة المسرحية بــ"المرحلة الذهبية"... أعلى اللبنانيون شأن البروباغندا على النقد، عندهم: الستينيات هي المرحلة الذهبية في تاريخ المسرح اللبناني، وجدوا فيها أنسهم وسلوتهم... لأنهم ضد النقد... أخذت بيروت المسرح من الثقافة الكونية، سربته إلى الإناء الخاص بها، ثم تراجع حين أضحت الثقافة الكونية في أزمة، أزمة المسرح أزمة ثقافة كونية.
وفي عمله "هكذا" يؤكد عبيدو باشا على هذه الأبعاد... ويقول بأن المفاهيم الإغريقية سادت في بيروت... ثم انتفضت بيروت على المفاهيم الإغريقية... من هنا يأتي كتابه هذا ليروي سيدة تلك الإنتفاضة بلا كذب وبلا تدليس، فإلى جانب تجربته المسرحية... يروي عبيدو باشا تجربة لبنان المسرحية من خلال أشخاصها وكتابها... منير أبو دبس... إنطوان كرباج، ريمون جبارة، يعقوب الشدراوي، جلال خوري، روجيه عساف، وغيرهم.
يتحدث عبيدو باشا وبموضوعية تجارب هؤلاء في ثنايا التجربة المسرحية اللبنانية... ويتحدث بألم وبحسرة... عن غياب الحسّ النقدي... إذ "لا يريد مسرحي أو كاتب أن ينحني أمام التجربة، لأنه يجد في الإنحناء أحد الأفعال الناقصة، لذا: كثر عدد الكتابة وقلّ عدد النقاد... كل ما هو في منأى عن النقد يموت. إقرأ المزيد