تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: معهد الإنماء العربي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:ما زالت مشكلة التجديد الفكري تطرح حتى الآن من زاوية أيديولوجية محضة، وتقوم في منهجها على المقارنة المجردة والمنطقية بين معارف الفكر العربي أو الفكر الغربي، أو بين قيم التراث وقيم العلم. ويصر من النظر عن التأويلات الذاتية والتنويهات التي يتضمنها بالضرورة هذا المنهج، فهو عاجز عن تقديم أي ...رؤية عملية لطبيعة التجديد الفعلية و"قوانينه"، ذلك لأنه ينظر إلى حركة الأفكار في ذاتها فيفقد القدرة على إدراك ديناميتها الاجتماعية. ولهذا نراه يحصر نفسه في دائرة النقد الساكن للماضي، أو الوعظ الأخلاقي لإظهار فضل الحاضر وقيمه.
مقابل ذلك، تحاول هذه الدراسة أن تطور منهجاً اجتماعياً في دراسة التطور الفكري هو جديد على الفكر العربي. والفرضية التي ينطلق منها الكاتب تقول ان الوعي الاجتماعي لا يشكل امتداداً عقدياً أو تطوراً تلقائياً أو لبنيان عقلي ثابت لا في شكله ولا في مضامينه، وسواء كان عربياً أم أجنبياً، حديثاً أم قديماً، وإنما هو محصلة حيّة ومركبة لمجموع الممارسة الاجتماعية. من هنا يصبح الفكر وتصبح الايديولوجية جزءاً من استراتيجية التحول الاجتماعي الشاملة. ولن تعود دراسة الحركات الأيديولوجية وأشكال الوعي مرتبطة بالكشف عن جوهرها الثابت والجامد، وإنما تابعة لدراسة السياسة أو السياسات الثقافية التي تعبر عن استراتيجيات مختلف الفئات الاجتماعية في الصراع على حيازة السلطة الفكرية، أو بالأصح الرمزية، في المجتمع، فالايديولوجية هي احتواء المعرفة وتوظيف لها بشكل رمزي في الصراع الاجتماعي.
ومن النتائج الخطيرة التي وصل إليها الكاتب من تطبيق هذا المنهج ان الفكرة الايديولوجية التي تنتزع من سياقها الاجتماعي والتاريخي، قد تلعب في سياق آخر وظيفة مناقضة لوظيفتها الأصلية. فليس من المستبعد أن تصبح ايديولوجية التحرر وسيلة لتبرير القمع، أو أن تتحول الثورية إلى ايديولوجية الرجعية والمحافظة المطلقة على الوضع القائم. إن هذا الكتاب الذي يفجر المناقشة من جديد حول الأيديولوجية، وينقلها إلى أرضية جديدة لم تطرح عليها بعد، يضيء الكثير من المواقف والممارسات التي نعيشها اليوم في عالمنا العربي، ويفتح عيوننا على العديد من القضايا التي ما زالت تبحث في حل وتفسير مقبولين. إقرأ المزيد