الإمامان الصدر وشمس الدين ؛ ذاكرة لغدنا
(0)    
المرتبة: 115,620
تاريخ النشر: 12/09/2008
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:هذا الكتاب هو ثاني إصدارات المركز اللبناني للدراسات والحوار والتقريب، ويتألف من مجموعة مقالات كتبها سماحة السيد هاني فحص، في أزمنة مختلفة ومناسبات عدة ولدواع يصعب حصرها. والجامع بينها، هو أنها تدور حول ثلاثة محاور أساسية، هي بمثابة عناوين مفصلية في الوعي الشيعي الإسلامي المعاصر، وفي الذاكرة السياسية والتاريخية ...للبنانيين الشيعة.
أول هذه المحاور، هو الإمام موسى الصدر، حيث يبين السيد هاني فحص، مركزية الإمام الصدر في الحراك السياسي الشيعي المعاصر في لبنان، مظهراً فرادة تجربة الإمام السياسية والفكرية، التي قلما توفرت في التجارب الأخرى، رغم تثمينه العالي لها.
كما يبين الكتاب، أن انغماس الإمام الصدر السياسي، ظل مواكباً بروح تقوائية، جنبته الوقوع أسيراً لذرائعية العمل السياسي القاسية، وبتعضيد العقل الفقهي لها، جعلته هذه التقوائية يركز على المقاصد البعيدة للدين، ووقته من السقوط في الأيديولوجيا الشمولية، ومكنته من التعامل بفتور وبشيء من التجاهل مع الدعوات التي قلصت كونية الدين إلى مشاريع لاستلام السلطة، وهي دعوات كانت سائدة ومهيمنة في الخطاب السياسي الإسلامي في زمانه، بشقيه السني والشيعي وما تزال.
لقد كان الإمام يرى الدين فضاءاً إنسانياً واسعاً يسمح بتأكيد الخصوصية مع تجنب إظهار التمايز، ويرى في الدين صوت عدالة لا يتوقف ولا يساوم وفي الوقت نفسه يحمل الكثير من الشفقة والحرص على الجهة المطالبة أو الظالمة. لم تغره لغة الحسم وأدبيات الغلبة، ومع ذلك كانت حركته مصدر قلق للكثيرين من أصحاب المواقع المتحجرة الذين ظنوا أن مواقعهم السياسية والمعنوية حق يورث.
يصل الكاتب في النهاية إلى القول بأن الإمام كان من أكثر الناس إزعاجاً للدولة، في فترة تجاهلها للمطالب المحقة أو تمييعها لها، ولكنه كان أكثر الناس حرصاً على الدولة وعلى حفظ مؤسساتها وبقائها مرجعاً تتوزع مرجعيته على جميع اللبنانيين بالتساوي.
ثاني هذه المحاور، هو الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي نستتنج من مجموع مقالات هذا الكتاب، أنه واكب وساند الإمام الصدر في كل حركاته، وظل داعماً لها ومتفاعلاً معها وحاضراً في كل محطاتها وتعرداتها وأزماتها ونجاحاتها. مع الإبقاء على حيز خاص به، بظهر فرادته الفكرية والفقهية والتدبيرية عن غيره من أقرانه.
يرسل الإشارات حول ثقل الإرث الذي ورثه الإمام شمس الدين عن الإمام الصدر، بسبب غياب الإمام الصدر المفاجئ، وتسارع الأحداث الصعبة والمؤلمة على جنوب لبنان والمنطقة. فكان عليه التصدي لرئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مع ما يستتبع ذلك من جمع لممتعارضات ومتابعة لمشروع استنهاض الشيعة داخل مشروع الدولة، والتصدي الفكري والفقهي لتحديد الخيارات السياسية والفكرية المناسبة، في مقابل الخيارات الملتبسة التي تغري بتضخيم الخصوصية الشيعية بما يعني ذلك من تغذية النزوع إلى هوية.
كان الإمام الشيخ جريئاً وحاسماً ومحقاً، حين نفى وجود نظام مصالح خاص بالشيعة، أو وجود أطر تضامنية مغلقة خاصة بالشيعة، بل إن مصالحهم تتحدد ضمن شبكة المصالح العامة التي تجمعهم بغيرهم داخل أوطانهم وبيئتهم، لتستحيل مصالحهم نفس مصالح أوطانهم ودولهم، ولتصبح انتماءاتهم الخاصة جزءاً لا يتجزأ ولا يستقل عن نسيج التضامنات الوطنية العامة.
ثالث هذه المحاور، هو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وهو المؤسسة التي جاهد الإمام الصدر في إنشائها وترسيخها، كهيئة ناظمة لأحوال الشيعة الدينية والشخصية، وكمنبر ناقل لتطلعات وآمال ومطالب الشيعة، وكإطار جامع للطاقات الجديدة وموجه لها في آن. كل ذلك من أجل رفع وتيرة الفعالية السياسية الشيعية والارتقاء إلى مستوى الشريك الكامل في إدارة الشأن العام، ومن أجل ضبط وجهة الحراك والاحتجاج، التي كانت عرضة لاستثمارات إيديولوجية حالمة لا تنتج سوى التعطيل، وتوظيفات إقليمية لا تخدم المطلب الأصلي، بقدر ما تضعه داخل دوامة صراعات لا تنتهي إلا بمآس إضافية تضاف إلى المآسي الحاصلة.
وككل المؤسسات، كما يبين العلامة فحص، فإن السبيل الوحيد إلى تطوير المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والحفاظ على فعاليته الدائمة، هو رصد الخطأ والصواب معاً من أجل تدارك ما لم يكن ملحوظاً من قبل، وتصويب ما ظن صوابه الكامل، وتعديل الترتيبات الأولية، بحكم طروء متغيرات موضوعية تستدعي تغيير الهيكلية والمواقع والقواعد، بما يخدم القدرة على استيعاب الجديد والمجدي.نبذة المؤلف:هذا الكتاب ليس بحثاً، قد يجد فيه من يريد ما يمكن أن يكون مفاتيح للشروع في بحوث حول هذين العلمين، ما أقدمه إن هو إلا توثيق للصورة كما رأيتها من موقع المغايرة بما هي ضرورية للمثاقفة، وأضفت إليها من مكنوناتي، ذاهباً من الذاتي إلى الموضوعي لإضاءته، عائداً من الموضوعي إلى الذاتي لتقوية أساساته.
أما أن الإمامين (ذاكرة لغدنا اللبناني) فلضرورة أن تكون الذاكرة المنقاة شرطاً للحلم، حتى لا يتحول إلى كابوس، ولا تتحول الذاكرة المتورمة إلى قطيعة قاسية. هنا يمكن للثقافي والسياسي أن يلتقيا على معرفة ورؤية ومسلك في البحث عن الحق والحقيقة والعمل على إدامة إنجاز لبنان بالشراكة، لا بالشركات الطائفية القابضة. إقرأ المزيد