المنتخب من المدهش المسمى ' رؤوس القوارير '
(0)    
المرتبة: 124,774
تاريخ النشر: 01/06/2008
الناشر: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، دار التوفيق للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:القوارير، جمع قارورة، وهي الكأس المصنوع من الزجاج، وسمى بذلك نظراً لاستقرار الشراب فيه. ونظراً لطبيعة الكتاب والتي تنطوي على (معارف متعددة) فقد شبهه صاحبه بالكؤوس الزجاجية التي توجد عند العطارين، يضعون فيها أنواع العطور وأصناف الروائح، فكما تختلف العطور وتتنوع اختلفت علوم هذا الكتاب وتنوعت.
ففيه من الخطب والمواعظ ...ما يجلب الخشوع ويرسل الدموع ومن أبواب اللغة وتصريفاتها ما يسعف الباحث المتخصص كما احتوى الكتاب على طرف من علوم الحديث ونوادر القصص والتاريخ، فأصبح بالفعل كالبستان النضير، وحاذ لقب (رؤوس القوارير).
وعلى هذا فقد جاءت فصوله مشكلة المباني، ومختلفة المعاني، فهو ممتع للقارئ الذي يهوى التنقل بين المواعظ والحكايات والنوادر والروايات. فهو مؤلف من طراز خاص، كثير الفائدة، متعدد وجوه الانتفاع، شأنه شأن صاحبه، الذي برع في علوم مختلفة، وحاز مكانة في أكثر من ميدان، وضرب بسهم في كل فن. ابتدأ ابن الجوزي كتابه هذا بخير الحديث وهو الكلام على بديع خلق الله ودلائل توحيده، القضية الأولى في شريعة الإسلام، بل في كل الشرائع والأديان السماوية.
ولقد اهتم ابن الجوزي بالنظر في الإنسان نفسه والتأمل في خلقته لأن أقرب شيء للإنسان هو نفسه، وفيه من العجائب ما يدل دلالة واضحة على عظمة الله، فإذا ما استطاع الإنسان أن يرتقي سلم التفكير حتى يصل إلى ثمرته، وهي العلم بالله، تغير حال القلب.
ثم ينتقل ابن الجوزي إلى (قارورة) أخرى في الباب الثاني من الكتاب ليتألق في فن غير فن الوعظ الذي قد يظن القارئ أنه لا يحسن غيره، فيدخل إلى ميدان اللغة بتصريفاتها وموافقة القرآن لها، وحينما تراه وهو يتهادى بين السطور تشعر -وللوهلة الأولى- أنه فارس الميدان الميدان، فتجده يتناول قضايا اللغةالعربية متخذاً من القرآن الكريم مرجعية له يثبت لها تفرده على جميع الكتب كما يبين أيضاً استخدام القرآن للقواعد النحوية والتعابير البلاغية بصورة لم يسبق لها مثيل.
ولم ينس أستاذنا قضية التكرير، وما تفيده بلاغياً على مستوى الخطاب القرآني، كما عقد فصلاً سجل لنا فيه أصوات الحيوانات، والطيور والأسماء التي أطلقتها العرب على السيف. ثم ختم هذا الباب ببعض الألغاز القرآنية -إن جاز اللفظ- التي توقظ فينا الانتباه والتفكر، وذلك كسؤاله عن الآيتين اللتين تحوي جميع حروف المعجم، والسور التي لم يذكر فيها لفظ الجلالة (الله) وكل ذلك مما يجلب الإمتاع ويشنف الأسماع.
أما الباب الثالث فقد انعكست عليه طبيعة الإمام وتجلت فيه صورة الكتاب، فقد عنونه بقوله: (طرف ونتف وأسؤلة) متنقلاً فيه من تاريخ الغابرين إلى جغرافية الأرض، فتارة يتحدث عن الأنبياء مبتدءاً بآدم، وأخرى يعرج على الأقاليم السبعة ومواقعها.
ثم يعود مرة أخرى إلى ما بدأ به الكتاب، فيتناول عجائب الإنسان، ويلفت النظر إلى نفس القدرة الإلهية الواضحة على أنواع الطيور والحشرات مثل النملة والنحلة والبعوضة والذباب، باحثاً ومنقباً عن عظمة الخالق، كل ذلك بعرض جميل وأسلوب شيق. وهكذا يستمر أستاذنا حتى يصل إلى مبحث رائق غزير النفع في علوم الصنعة الحديثية، يذكر فيه أسماء الرواة الذين قد تعددت أشخاصهم واتفقت أسناؤهم، وهو باب يفيد المتخصص وطالب العلم على حد سواء.
وبالنظر لأهمية الكتاب فقد تم الاهتمام بتحقيقه حيث تم الاعتناء بضبط النص وتقويم العبارة، وتصحيح التحريف والتصحيف، وملاحظة السقط من الكلات، وبعزو الآيات والأشعار، وشرح الغريب من الكلمات والتعليق على النص وما غمض من الأسلوب، تخريج الأحاديث والحكم عليها استناداً لآراء العلماء أصحاب هذا الفن، وضبط الشعر وما أشكل من الألفاظ بالشكل ليسهل نطقها، وعمل الفهارس اللازمة للكتاب. إقرأ المزيد