برزخ .. بين قلب عذب وعقل أجاج
(3)    
المرتبة: 49,201
تاريخ النشر: 20/09/2007
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"لا تدعُ لي بطول العمر، لقد أنهكتني الحياة وأريد أن أرتاح. قالها والتفت نحوي ممسكاً بيدي وهمس في أذني: لن تكون إلا بما حولك، فالحياة تصل إليك ولا تنتظرك. وها أنتم حولي ولذلك كنت حيّاً بكم. لم تكن كلمات فيلسوف ولم تكن فخمة وفصيحة كما دوّنتها، بل جاءت بلهجة ...بسيطة وعفوية رجل مسن من قرية ظلت على هامش التاريخ يمررها بهدوء في فراغات الأحداث الكبرى. أشعر كأنني أمسك يديه بتجاعيدها الناعمة، عيناه تنظران إلي بتفاؤل كبير وكأني آخر أحلامه التي تحققت، ويقولون: "الأغلى من الولد، ولد الولد". أرى طيفه يقف على أسوار المقبرة وأنا أمر بها نحو المطار، يودعني في كل مرة أسافر إلى العاصمة، ونحو المقبرة تتلاشى الأشياء، وتقلّ الأشجار والطيور وكل شيء يشير إلى الحياة. ببطء تغادرنا كل الموجودات، وكأنها تتماهى مع رحلة العمر نحو النهاية. على أطراف القرية، يغاردنا من نحب، ونغادر من نحب، أما بالاختفاء تحت الأرض في المقبرة أو بالسفر عبر المطار. لعل الغربة هي أن يختفي وجودك الممتد بما ارتبط بك. لعل الغربة هي أن تترك مكاناً تألفه، إلى أي مكان تتمنى أن يألفك. أودّعه وألوح له ولكل من يرقد إلى جانبه، أجداد وإخوان سافروا برحلة لا عودة منها إلى المكان نفسه، أركب الطائرة وأودع والدي الذي تعود الصمت في كل عام خلال مسافة إيصالي للمطار. نصحني أول مرة غادرته فيها، ولم يعدّ يكرر نصائحه أو يشدد على تشجيعي. لقد كبرت ولم أعد طفله الذي غدر به فجأة ليعلن رجولته ورغبته في الخروج من كنفه. سلم لي على أصدقائك واتصل بي متى احتجت إلى أي شيء. سأوصل سلامك ولن أحتاج شيئاً سوى رضاك، أطال الله بعمرك. يبتسم لي وكأنه كان يتذكر معي كلمات جدي نفسها، لماذا أعتقد أن والدي لم يولد طفلاً، ولماذا أشعر أنه أقوى من أن يمارس الحنين إلى والده!... الآباء صورة جامدة تمنعنا من اعتبارهم كائنات قابلة للانكسار".
تحضر فلسفة الحياة فاعلة في سرديات إبراهيم سنان في برزخه الذي هو بين القلب العذب والعقل الأجاج، حتى في عنوان روايته ترتسم المعاني بعمقها الفلسفي، وبعمقها الإنساني. وتهيئ القارئ إلى ولوج عالم يموج بالأحداث يموج بالعواطف ويموج بالمفارقات. يعيش صالح، الشخصية المحورية قصة عاطفية تغرقه في بحورها إلى القاع، وتبقى نوف التي كانت ضمن شلة أصدقائه سامي، ناصر، سالم... تبقى ذلك الحلم الذي عاش من أجله والذي يفرّ فجأة من اقتران سامي بها.نبذة الناشر:أنهيت هذه الرواية، أو ما يسمى كذلك، ولم أجد في نفسي فرحاً بما حققته، فقد طالبت المرحلة التي انتظرت فيها الحياة لتمنحني مزيداً من الحكمة أخاطب بها الآخرين. لكن هون علي أنني لن أكون الأسوأ بعد أن اخترق فترة انتظاري حكماء آخرون لم يستغرق وصولهم مسافة الثقافة نفسها التي كان يحتاجها مثقفو السبعينات والثمانينات في غياب الانفتاح الإعلامي والثقافي الكبير.
لعلي أفرغت بعض الهوامش التي تآكلت في عقلي، وغدت كنوع من الوساوس المضرة، لذلك لا أجدني مؤهلاً لإهداء هذا العمل لأي شخص لأنه مضر بالصحة وأنصح بعدم استعماله، فكل من أحبهم أو أقدرهم أعظم وأكبر من عمل بدأت فيه بعفوية وانتهيت نتع بلا مبالاة. إنني أقدم على خطوة يعتقدها الآخرون مهمة وأراها أقل من أن تكون خطوة. أحترم نفسي كثيراً ولكني أحترم من حولي أكثر. الإعجاب والتشجيع والشهرة أمور ذات طبيعة مادية مغرية، لكنها سريعة الذوبان في مظاهر الثقافة النخبوية، ولن يجد قارئي أي شيء من ذلك في ما كتبت، وسيجد شيئاً لم أقصده كما هو ولكنه أتى كما يريد، فكانت "برزخ". إقرأ المزيد