تاريخ النشر: 01/01/2002
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة
نبذة نيل وفرات:إن تعريف الأدب الشعبي ووضع الحدود له أمر لازم لكثرة ما يختلط بهذا المفهوم من معانٍ متضاربة تفضي إلى نتائج وأحكام متناقضة. وقد جرت محاولات كثيرة لوضع تعريف للأدب الشعبي، وتلك المحاولات تنحصر في ثلاثة خطوط رئيسة هي: أولاً، إنه الأدب الذي يعبر عنه باللهجة العامية والذي يكون مجهول ...المؤلف ويكون تناقله جيلاً إلى جيل عن طريق المشافهة. ثانياً، إنه الأدب المعبر عن نفسية الشعب الهادف إلى خيره وتقدمه، سواء اتخذ اللهجة العامية أو الفصحى وسيلة للتعبير، عرف قائله أو لم يعرف، دوّن أو لم يدوّن. ثالثاً، إنه الأدب الذي يُردى أو يُكتب أو يُطبع باللهجة العامية، سواء عرف قائله أو كان مجهولاً، متوارثاً عن الجيل السابق، أو أنه من صنع قوم معاصرين، والأساس في الرأي الأخير اعتماد (الشكل) أو (وسيلة التعبير) صفة مميزة للأدب الشعبي عن غيره، فالأدب الشعبي هو كل ما اتخذ العامية وسيلة للتعبير. ومهما يكن من أمر، فقد يكون من الصعوبة تقديم تعريف علمي واضح للأدب الشعبي، ولكن ذلك لا يمنع من القول بأنه: التعبير عن انفعال عاطفي أو فكري، يتخذ اللهجة العامية أسلوباً له في التعبير تطغى على معانيه السذاجة التي يتميز بها ابن الشعب المحروم من الثقافة، ولكنها سذاجة لا تخلو من إرهاف الحس، وبراءة عفوية في إطلاق المشاعر والأحاسيس، وصدق يتجلى في رسم الصور للبيئة الاجتماعية والفكرية بلا تصنع، وصدق في استعمال الألفاظ والأساليب واختيارها.
أما بالنسبة إلى كون ذلك الأدب مجهول المؤلف أو معروفه، مطبوعاً أو غير مطبوع؛ فإن مجهولية المؤلف كانت ميزة واضحة للأدب الشعبي قبل الانصراف إلى تدوينه وطبعه، غير أن الاهتمام به أدى إلى البحث عن مؤلفيه وتسجيل حياتهم وشعرهم، ولكن ذلك لا يمنع من أن يكون المؤلف مجهولاً عند أبناء الشعب وليس عند الدارسين، فابن الشعب قلما يهتم بمؤلف (الأبوذية) مثلاً، وكل ما يهمه هو الإعجاب بها ثم ترديدها، وربما يظل تناقلها شفاهياً. ولذا فإن التعريف السابق لا يشترط مجهولية المؤلف وشفاهية تثاقل الأثر اشتراطاً قاطعاً. أما بالنسبة للنتاج الآخر الذي لا تتوفر فيه الصفات المذكورة، فليس هناك تسمية تنطبق عليه غير (النظم العامي).
وفي هذا الكتاب مقالات عمرها ينبسط على أكثر من ربع قرن، ولكنها رغم ذلك ومهما كانت صفتها فهي ستبعث في فكر القارئ بعضاً من تساؤل يدفعه إلى التفكير بما يسمى بالأدب الشعبي. إقرأ المزيد