الناشر: الشركة المتحدة للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يقول الشيخ الفقيه الإمام العالم أبو محمد عبد الرحمن بن علي الجوزي ... قال الله العظيم: [ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ] [الذاريات: 55] وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قال الله تعالى أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ...ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منه، وإذا ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن تقرّب إليّ، تقربت منه ذراعاً، وإن تقرّب إليّ ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإن أتاني مشياً، أتيته هرولةً ... يا أخي أقبل على قبلة التوجه إلى مولاك، وأعرض عن مواصلة غيّك وهواك، وواصل بقية العمر بوظائف الطاعات، واصبر على ما ترك عاجل الشهوات، فالقرار أيها المطلق كل القرار من مواصلة الجرائم والأوزار، فالصبر على الطاعة في الدنيا أيسر من الصبر على النار .. إخواني، هذا القول لا ينادي صبيان الهوى: الشاب التائب حبيب الله، ويصبح بكهول الخطا عسى الله أن يتوب عليهم، ويهتف لشيوخ الندم: أنا عن المنكسرة قلوبهم من أجلي . وفي الخبر: إذا تاب العبد إلى الله عزّ وجلّ، وحَسُنَىتْ توبته، وقام الليل يناجي ربه، أوفدت الملائكة سراجاً من نور، وعلّقته بين السماء والأرض، فتقول الملائكة: ما هذا؟ فيقال لهم: إن فلان بن فلان قد اصطلح الليلة مع مولاه. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قام العبد بالليل تباشرت أعضاؤه، ونادى بعضها بعضاً: قد قام صاحبنا لخدمة الله تعالى" .. يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا موطن الخطايا، ويا مستودع الرزايا، أذكر ما قدمت يداك، وكن خائفاً من سيدك ومولاك، أن يطّلع على باطن زَلَلِكَ وجفاك، فيصدّك عن بابه، ويبعدك عن جنابه، ويمنعك من مرافقة أصابه، فترتفع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشَرَكِ الخُسْران، وكلما رُمْتَ التخلص من غَيِّكَ وعناك، صاح بك لسان الحال وناداك: إليك عنا فما تحظى بنحوانا / يا غادراً قد لها عنا وقد خانا ... يا من باع الباقي بالفاني، أما ظهر لك الخسران، ما أطيب أيام الوصال، وما أمرّ أيام الهجران، ما طيب عيشُ القوم حتى هجروا الأوطان وسهروا الليالي بتلاوة القرآن، وفيبيتون لربهم سجّداً وقياماً .. يا تائهاً في الضلال بلا دليل ولا زاد، متى يوقظك منادي الرحيل فترحل عن الأموال والأولاد؟ قل لي: متى تتيقظ وماضي الشباب لا يُعاد، ويحك! كيف تقدم على سفر الآخرة بلا راحلة وزارد. ستندم إذا حان الرحيل، وأمسيت مريضاً تقاد .. فجاءتك السكرات ومنع عنك العوّاد، وكُفنت في أقصر الثياب، وحملت على الأعواد وأودعت في ضيق لحد مغربة مالها من نفاد، تغدو عليك الحسرات وتروح إلى يوم التناد، ثم بعده الأحوال كثيرة، فيا لنبك لمعاينتها لا تعاد [ ... ] يحاول الإمام الواعظ إبن الجوزي إسداء النصيحة التي من خلالها بإمكان المسلم الحصول على مرضاة الله، بما يضمن بها سعادتي الدنيا والآخرة. وقد اشتهر الإمام الجوزي بالوعظ مذ كان صغيراً في العاشرة من عمره، وقد وصل في الوعظ إلى مرتبة لم يصلها أحد قبله، ولا وصلها أحد بعده. قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء: كان رأساً في التذكير بلا مدافعة، يقول النظم الرائق، والنثر الفائق بديهاً، ويسهب ويعجب، ويطرب، ويطنب، ولم يأتِ قبله ولا بعده مثله، فهو حامل لواء الوعظ والقيّم رجع الشكل الحسن، والصوت الطيب، والوقع في النفوس وحسن السيرة. وقال أيضاً: كان ذا حظٍّ عظيم، وصيت بعيد في الوعظ، يحضر مجالسه الملوك والوزراء وبعض الخلفاء والأئمة الكبراء، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة. وقال عن موفق الدين إبن قدامة: إمام أهل عصره في الوعظ. وهذه نبذة من سيرته: هو الشيخ الإمام العلاّمة الحافظ المفسّر المحدّث، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، البكري التيمي، وينتهي نسبه إلى الخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ولد سنة (519ه) . كان ورعاً زاهداً في الدنيا، متقللاً منها ولا يأخذ شيئاً إلا بعد التيقن من حلّه، قوي البديهة، حاضر الذهن، جريئاً في الحق. وقد برع في مختلف العلوم، وما ترك فناً إلا وصنّف فيه ، وزادت مصنفاته على ثلاثمائة. ونظراً لأهمية هذا الكتاب فقد تم الإعتناء به تحقيقاً وتوثيقاً، إذ عمل المحقق على تخريج النصوص الواردة فيه، كما عمل على تقديم النص وتصحيحه، كل ذلك بعد المقابلة بين الأصول الخطية للكتاب. إقرأ المزيد