تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: دار قابس للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:عقد في مدينة "مرسيليا" الفرنسية، في مايو (أيار) 1988، مؤتمر دولي حيث جرى بحث كل المجالات والاختصاصات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأنظمة المدنية وبالتواصل الاجتماعية في المدينة.
تم تنظيم هذا المؤتمر من قبل جمعية "أنفورموربا" التي جمعت بين عدد من الأساتذة والباحثين. ذلك أن الأحداث التي رافقت ...التطور المديني خلال السنوات التي تبعت هذا المؤتمر أكدت ضرورة حل المسائل المدينية بواسطة التبادل والتواصل المستمرين كوسيلتين تساهمان بتركيز الاندماج والتماثل الاجتماعيين في المدينة.
إن النصوص التي يحتوي عليها هذا الكتاب تؤكد على أهمية هذا المنهج وتؤكد كذلك على أن التبادل في المجتمع، على أسس ديمقراطية، يتم في إطار المدينة خاصة عندما يكون لكل فرد من سكانها مكانه في المدينة ذاتها. إن الطابع المتعدد الاختصاصات لهذا المؤتمر يشير إلى مدى تعقد المسائل المدينية. ذلك أن المدينة ليست شيئاً ما أو مكاناً ما بل عالم بحد ذاته له خصائصه وثوابته وتنوعه، حيث يتوجب على نسيجه أن يتلاءم مع نسيج المجتمع. هذا وإن الإطار المناسب لمختلف الحلول المدينية لا ينحصر بالأمور التقنية فحسب بل بتفهم ومواكبة الثقافة الخاصة بالمدينة بشكل عام أيضاً. فما هي المقاييس والمعايير التي اعتمدها المؤتمر لتحديد الإشكالية المدينية؟
منها المقياس التمثيلي بمعنى ما تمثله المدينة في أذهاننا وما هي الصورة التي لدينا للمدينة وللتمدن. هذا وسوف نرى في سياق هذا الكتاب بأن لهذه المسألة ازدواجية معقدة، فهناك الصورة التي نملكها عن المدينة وهناك أيضاً الصورة التي تعطيها المدينة ذاتها عن نفسها كفضاء اجتماعي ملائم للتبادل والتواصل أي للعيش المشترك. وقد أدت "صورة" المدينة إلى تساؤلات عدة منها فلسفي مثل، ما معنى المدينة؟ أو ما طبيعتها وما هو كيانها؟
لكن لهذه التساؤلات ثلاثة قواسم مشتركة: الأول، هو أن المدينة لا تتميز فقط بكونها فضاءً جغرافياً واقتصادياً وتقنياً، بل كونها، أيضاً كياناً يرمز للثقافة وللإنسانية. ولا تغدو كياناً إلا إذا كان أهلها يتماثلون بها. إقرأ المزيد