معالم بغداد في القرون المتأخرة
(0)    
المرتبة: 124,986
تاريخ النشر: 01/01/2000
الناشر: بيت الحكمة
نبذة نيل وفرات:تحتل المدينة جانباً مهماً من عناية المؤرخ المعاصر بوصفها تمثل البؤرة التي تتركز فيها معظم النشاطات الإنسانية لحضارة ما، سواء أكانت سياسية أم إقتصادية أم إجتماعية أم ثقافية، حتى بدا تاريخ المدينة، في نظر كثير من المؤرخين، وكأنه يمثل خلاصة التاريخ الإنساني كله.
فالحضارة اشتقت من الحضر، والحضر هم سكان ...المدن حصراً، وعلى الرغم مما في هذه النظرة من إغفال لدور القبيلة والريف في جوانب الحياة المختلفة فإن عوامل عديدة جعلت هذه النظرة مقبولة بل مقنعة، ليس بسبب طبيعة ما يجري في المدينة من نشاطات إنسانية فحسب، وإنما لنوع الوعي العام الذي تشعر به مجموعة متنوعة من الشرائح والفئات الإجتماعية بمتانة ما يصل بينها من روابط.
وهذا الوعي المركب الذي يتسامى على الروابط القبلية أو الأسرية أو حتى الروابط الإقتصادية المباشرة وحدها، كان يتجلى بإحساس عميق بقيمة ما تعنيه المدينة في وجدان الفرد من سكانها من إيمان ما يمكن أن نسميه "روح المدينة" أي الإنتماء إلى مجموعة القيم التي تمثلها المدينة، وتتجلى هذه الروح غالباً في أثناء الظروف الصعبة التي تتعرض لها المدن، إلا أن أثرها يبقى قوياً وفاعلاً في معظم النشاطات الجمعية والفردية للسكان، وبمقدار تأثير هذه الروح في سلوك الفرد أو الجماعة يصبح ممكناً تصنيف هذا السلوك أو ذاك بأنه مدني أو حضري.
وتأسيساً على هذا فإن الإحساس بروابط تصل بين سكان مدة عدة في الإقليم الواحد كان يعني وعياً وطنياً وقومياً، فروح المدينة هي النواة، للروح الوطنية ولروح الأمة، ولا يمكن لأي مجموعة بشرية خارج نطاق المدينة أن تؤسس بديلاً لتلك الروح مهما صفت دماؤها وخلصت. إقرأ المزيد