تاريخ النشر: 09/01/2005
الناشر: دار ابن حزم
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"البخلاء" كتاب صور فيه "أبو عثمان الجاحظ" البخلاء، وهو لم يأخذ بخلاءه من تلافيف التواريخ، ولكنه أخذهم من بيئته، وخص بالذكر منهم بخلاء البصرة بلده، وبخلاء خراسان ولا سيما عاصمتها مرو، وقد سمّاهم البخلاء غير متحرج، وقد صور بخلاءه تصويراً واقعياً حسياً، وتصويراً نفسياً، وجعلته شخصيته المرحة العابثة، المطبوعة ...على السخرية والتهكم، يمزج في تصويره إياهم الجد بالعبث، والنقد للعادات والأخلاق بالفكاهة، فأبرز لمنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة، ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم، وأطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، وأضحكنا بتصويره طرقهم في الحرص والاقتصاد، وحيلهم في صرف الضيوف عن الطعام، ولكنه لا يكرهنا بهم، لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا، خصوصاً أنه جعل خفة روحه، ونكتته على لسان بخيله. فإذا حرص بخيله على ما له فإنه لا يعتدي على حق غيره، وإذا بخل على الناس فلا يبخل على نفسه في الغالب، إلا لعذر، ولهذا كان بخلاؤه من طياب البخلاء. وقصص "البخلاء" عند الجاحظ نوادر صغيرة، مسلية، مضحكة.
والذي يمعن النظر في قصص الجاحظ يرى فيها تمثيليات قصيرة هزلية، أجل إن الجاحظ لم يقصد الفن المسرحي، لأنه لم يكن يعرفه، ولكن عناصر المسرحية الهزلية جاءت عفواً في قصصه، بثتها فيها فكاهته وتهكمه وسخريته.
وتتبين هذه العناصر في جمال الحوار وخفة روحه، وفي مقدرة الجاحظ على التكلم بلسان كل إنسان حتى بلسان العامة والنوكى والحمقى، وبما في مواضيعه من روح وجدل، وفي تدقيقه من تصوير للبخل، وما نجده في أشخاصه من حركة وحياة ووصف نفسي وروح فكاهة وسخرية.
ويتميز كتاب "البخلاء" أيضاً بأن كتاب إنساني، وإن لم يحط بكل النواحي الإنسانية، فالجاحظ عالج فيه أحوال الإنسان، ودرس نفسيته وأخلاقه وغرائزه وعاداته، وجعل أشخاصه إنسانيين يمكن أن يعيشوا في كل زمان ومكان كما في تصويره المتسولين.
كل ذلك في أسلوب رشيق، سامي البلاغة، ينبض بالحياة، ويرشح بالنفحة الأدبية بما فيه من استشهادات شعرية ونثرية، وتمثيل للحركة الأدبية في ذاك العصر، ولزعامة الجاحظ الأدبية وإمامته في الإنشاء البالغ أعلى درجات الفن، ولا بدع فالجاحظ -كما قيل- من أكبر الأدباء الذين عرفتهم لغة العرب، بل هو أحد الأربعة الذين يعدون أركان الأدب العربي. إقرأ المزيد